الله به فليس بمخطئ» (١) ، وقد روي عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام أنه قال : ما تقارع قوم فوضوا أمرهم إلى الله إلّا خرج سهم المحق ، وقال : «وأيّ قضية أعدل من القرعة إذا فوض الأمر إلى الله عزوجل؟ أليس الله تبارك وتعالى يقول : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ)» (٢) [الصافات : ١٤١] ، وقد تعددت الروايات عن عليّ أنه استعملها في كثير من أقضيته.
أمّا أبو حنيفة وأصحابه ، فقد استبعدوا الأحاديث الواردة فيها ، واعتبروها تشبه الأزلام التي نهى الله عنها.
وقد أثير خلاف حول ما إذا كانت القرعة تحدّد الواقع المجهول إذا اشتبه أمره بين شيئين ، بحيث يختص موردها بما إذا كان الحق معينا في الواقع واشتبه علينا ظاهرا لعارض ، أو يشمل ما كان مرددا بين شيئين أو أكثر ولم يكن معينا في الواقع أيضا ويطلب فيه الشيئان ، ومن هذا القسم ما كان من الأمور المشتركة بين ذوي حقوق ولم يتراضوا بسهم عيّنه بعضهم بغير معين. والظاهر أن القرعة قاعدة عقلانية جرى عليها العقلاء في أمورهم العامة والخاصة كوسيلة من وسائل حسم الأمور المتنازع فيها ، إذا لم يكن هناك وسيلة خاصة معتبرة للوصول إلى نتيجة حاسمة ، وذلك من خلال ما ينطلقون به في تنظيم أمورهم في النظام العام الذي يلتزمونه بشكل عام ، بحيث يلومون ويؤنّبون الخارج عن هذا النظام. وقد درج العقلاء على الرجوع إلى أمارات خاصة ووسائل معينة لتحديد القضايا وحلّ المشكلات ، مما قرروه من وسائل الإثبات في القضاء وغيره ، ولكنهم قد يواجهون في حياتهم بعض المواقف التي لا يملكون فيها أية وسيلة معينة للتعيين أو للتحديد ، فكانت القرعة حلّا حيث لا حلّ ، من دون فرق بين ما إذا كان هناك واقع يراد تعيينه ، أو كانت المسألة موضع إشكال أو
__________________
(١) المجلسي ، محمد باقر ، بحار الأنوار الجامعة لدرر الأئمة الأطهار ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ـ لبنان ، ط : ١ ، ١٤١٢ ه ـ ١٩٩٢ م. م : ٣٧ ، ج : ١٠١ ، ص : ٤٧٠ ، باب : ٢١ ، رواية : ٦.
(٢) (م. ن) ، م : ٣٧ ، ج : ١٠١ ، باب : ٢١ ، ص : ٤٧٠ ، رواية : ٥.