إلى الكعبة ، ولذلك فإننا ننقل كلامهم من خلال تقديم صورة تفسيرية إيحائية اجتهادية لا من خلال توثيق الرأي للاعتماد على حجة شرعية من رواية معتبرة أو نحوها. وعلى كل حال فإن الأقرب إلى جوّ الآية الوجه الأول لا الأخير ، لأن الظاهر أن القضية واردة في مسألة الإيمان بالإسلام والكفر به ، لا في مورد خاص كالقبلة ونحوها.
* * *
أسلوب جديد للتضليل وزعزعة عقيدة المسلمين
وهذا أسلوب جديد من أساليب التضليل والتشكيك التي كان بعض أهل الكتاب يمارسونها ضدّ الإسلام والمسلمين ، فقد طلبوا من بعض جماعتهم أن يدخلوا في الإسلام في أوّل النهار ، ليحرزوا الثقة لدى المسلمين بذلك ، لأنه يدلّ على عدم التعصب لليهودية ، بل يوحي بالحياد الفكري الذي يجعل الإنسان مستعدا للانتماء إلى غير دينه وفكره من موقع الحجّة والقناعة. (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) وهم المسلمون (وَجْهَ النَّهارِ) أي : أوله ، (وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) عن دينهم من خلال حالة الاهتزاز التي تثيرها هذه الحركة في وجدانهم الديني ، وذلك قوله تعالى : (وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) أي : لا تطمئنوا إلّا لليهود في الحديث عن قضاياكم الخاصة وأسراركم الخفية ، لأن الوثوق بالآخرين قد يفضح الكثير من الأوضاع الداخلية الذاتية أو الخطط الخفية التي يدبرها اليهود للمسلمين مما يؤدي إلى انكشاف السرّ ، وإحباط الخطط ، وسقوط الموقف.
فإذا حصلوا على هذه الثقة وأحرزوها ، وضمنوا لأنفسهم امتدادا روحيّا وجوّا حميما في علاقتهم بالمسلمين ، قاموا بتغيير الموقف في آخر النهار ، فرجعوا إلى ما كانوا عليه من رفض للإسلام ، للإيحاء للمسلمين بأنّهم اطّلعوا على عقيدة الإسلام من خلال دخولهم فيه ، فظهر لهم ـ بحسب دعواهم ـ ما فيه