فعل قبيح» (١) ، وفي الآية النوعان من المكر ، والمكر : الالتفاف ، ومنه : قولهم لضرب من الشجر مكر لالتفافه. والفرق بين المكر والحيلة ـ كما في مجمع البيان ـ «أن الحيلة قد تكون لإظهار ما يعسر من الفعل من غير قصد إلى الإضرار بالعبد ، والمكر حيلة على العبد توقعه في مثل الوهق (٢)» (٣).
(مُتَوَفِّيكَ) : آخذك بصورة تامة ووافية من عالم الأرض ، والتوفي : أخذ الشيء أخذا تاما ، ويستعمل في الموت باعتبار الأخذ من عالم الحياة ، وفي النوم باعتبار الأخذ من عالم اليقظة ، وفي رفع المسيح عليهالسلام إلى السماء باعتبار الأخذ من عالم الأرض. ولهذا فإن التوفي أعم من الموت. قال تعالى : (حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ) [النساء : ١٥].
* * *
أسلوب نابض بالمحبة
... واستمر عيسى عليهالسلام في دعوته إلى الله بأسلوبه الوديع النابض بالمحبة ، من أجل أن يقودهم في رحلة الإيمان إلى الله في العقيدة والشريعة ، ليعيشوا قصة الإيمان فكرة وشعورا وممارسة ... ولكنهم أغلقوا آذانهم عن الاستماع إليه ، وأغمضوا أعينهم عن النظر إلى عجائب معجزات الله على يديه ، وعطّلوا عقولهم عن التفكير في ما يدعوهم إليه من خير الدنيا والآخرة ، لأن القضية الأساس عندهم هي أنّهم يرفضون الإيمان ، كموقف سلبي ضد الرسول ، عبر قرار للكفر بالرسالة.
(فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ) وذلك من خلال طريقتهم في التعامل
__________________
(١) الأصفهاني ، الراغب ، معجم مفردات ألفاظ القرآن ، دار الفكر ، بيروت ـ لبنان ، ص : ٤٩١.
(٢) الوهق : حبل في طرفه عقدة يجعل في عنق الدابة.
(٣) مجمع البيان ، ج : ٢ ، ص : ٧٥٥.