الأسلوب والممارسة المعاصرة
وعلى هذا الأساس ، فلا بدّ للدعاة إلى الله في حركتهم نحو الهدف الكبير من الدعوة إلى الله في كل زمان ومكان ، وذلك بأن يتلمسوا بأيديهم وأفكارهم المجالات المشتركة في العقيدة والأسلوب والحياة التي تربط المسلم بالآخرين وتربطهم به ، لتقرّبهم إليه ، ولتوحي لهم بأنّ هناك مرحلة من الطريق يمكن أن تمثل وحدة السبل في المرحلة الأولى أو الثانية ، فإن ذلك كفيل بإلغاء الكثير من التعقيدات ، وتجميد الكثير من الحساسيات ، وتقريب الكثير من الأفكار ... حتى إذا انتهى الأمر إلى نقطة الافتراق ، كانت الطريق ممهّدة أمام الطرفين للوصول إليها كمقدّمة للسير عليها من موقع القناعات المشتركة التي تصنع الأرض المشتركة ...
ولعل من الضروري أن يتحرّك العاملون في هذا الاتجاه ، على أساس صنع شخصيتهم الإسلامية ، بحيث تلتقي المواقف لديهم من خلال الطابع الذي يميّز شخصيتهم ، لا كحالة طارئة يمكن أن تأتي وتزول من دون قاعدة ثابتة. فيتحرك المسلم في هذا الجو ويمارسه مع اختلاف الأديان الموجودة في الساحة الدينية ، واختلاف المذاهب التي تعيش في الساحة الإسلامية ، واختلاف المبادئ والأفكار السياسية والاجتماعية والفلسفية في الساحة الفكرية العامة ، ليصل إلى النتائج الحاسمة بأفضل طريق وأروع أسلوب ...
وكمثال على ذلك خلافات الساحة الإسلامية ، كما في الخلافات بين السنّة والشيعة ، فقد لا يكون من الحكمة أن نبادر إلى طرح قضايا الاختلاف بينهما في بداية الحوار ، سواء ما يتعلق منها بتفاصيل العقيدة أو بموضوع الخلافة أو بمفردات الشريعة ، بل علينا أن نعمل على طرح موارد الوفاق ، لأننا إذا اتبعنا الأسلوب الأول ، فإننا نوحي إلى الطرف الآخر بأن الموقف هو موقف صراع يبحث فيه كل طرف عن أدواته التي يحارب بها الطرف الآخر ، أو عن الكلمات والمواقف التي يحاول أن يسجّل من خلالها نقطة على حساب الفريق