الثاني ، فتكون الروح التي تحكم الساحة هي روح المعركة الحادّة. أمّا إذا اتبعنا الأسلوب الآخر بأن آثرنا القضايا المتعلقة بأسس العقيدة والشريعة ، وأكّدنا عليها في استعراض شامل يستوعب أكثر هذه الجوانب ، فإننا سنعيش الجوّ الروحي الواقعي الذي ننفتح من خلاله على القاعدة الإسلامية التي نقف عليها من خلال الأسس التي ترتكز عليها القاعدة ، مع إثارة الأجواء الروحية التي تفتح أمام الإنسان آفاق التقوى ، وتحريك الأجواء الحميمة التي تثير المشاعر الإنسانية بالعاطفة ... مما يحقّق للموقف مزيدا من المرونة والشعور بالمسؤوليّة ، فيساعد على الوصول إلى القناعة الموحّدة أو المتقاربة ، لأن هذا الأسلوب يجعل القضية سائرة في الاتجاه الفكري الذي يلاحق أدوات الفكر وروحيّاته وأساليبه ، ولا يجعلها سائرة في الاتجاه الانفعالي الذي يعتمد على عناصر الإثارة في المشاعر والأفكار والكلمات ... وبذلك نبتعد عن أجواء التعصب الذي يتجمد فيه الإنسان أمام قناعاته ، ولا يتحرك خطوة واحدة إلى الأمام في مجال المناقشة والحوار ، بل يعمل على المحافظة بكل ما في طاقته على مواقعه الفكرية والعملية ، بروح متزمّتة حاقدة. ويمكننا في هذا الاتجاه أن نلتقي بالأساليب الهادئة المتزنة التي تحتفظ بأفكارها من موقع الانفتاح على الأفكار الأخرى ومناقشتها وتحصيل القناعات من خلال ذلك كله.
* * *