المباهلة إلا ليتبين الكاذب منه ومن خصمه ، وذلك أمر يختص به وبمن يكاذبه ، فما معنى ضم الأبناء والنساء؟ قلت : ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه ، حيث استجرأ على تعريض أعزته وأفلاذ كبده (١) وأحب الناس إليه لذلك ، ولم يقتصر على تعريض نفسه له ، وعلى ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه مع أحبته وأعزته هلاك الاستئصال إن تمت المباهلة. وخص الأبناء والنساء لأنهم أعز الأهل وألصقهم بالقلوب ، وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتى يقتل ، ومن ثمة كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعائن في الحروب لتمنعهم من الهرب ، ويسمّون الذادة عنهم بأرواحهم حماة الحقائق ، وقدّمهم في الذكر على الأنفس لينبّه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم ، وليؤذن بأنهم مقدّمون على الأنفس مفدون بها. وفيها دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهمالسلام. وفيه برهان واضح على صحة نبوّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنه لم يرو أحد من موافق ولا مخالف أنهم أجابوا إلى ذلك» (٢).
وقال صاحب التفسير الكبير الفخر الرازي : «واعلم أن هذه الرواية ـ أي رواية المباهلة ـ كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث» (٣).
* * *
علامة استفهام حول نزول الآية
وقد أثار بعض المفسرين علامة استفهام حول نزول هذه الآية في أهل البيت بلحاظ صيغة الجمع الواردة في (أَبْناءَنا وَنِساءَنا وَأَنْفُسَنا) التي لا
__________________
(١) الفلذ : كبد البعير ، والجمع أفلاذ ، والفلذة : القطعة من الكبد واللحم والمال وغيرها ، والجمع : فلذ.
(٢) الزمخشري ، جار الله ، محمود بن عمر ، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ، دار الفكر ، ج : ١ ، ص ٤٣٤.
(٣) تفسير الرازي ، م : ٤ ، ج : ٨ ، ص : ٨٠.