(وَأَبْناءَكُمْ) ممن تختارون منهم للحضور والابتهال في هذا الموقف الصعب ، (وَنِساءَنا) اللاتي يمثلن أقرب موقع للانتماء الإنساني الروحي من النساء في حياتنا الخاصة ، وها أنا أقدم بين يدي ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين ، التي هي بضعة مني ، يريبني ما رابها ويغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها ، لأن غضبها في مواقع غضب الله ورضاها في مواقع رضاه. إنني أقدمها في هذا التحدي الكبير للدلالة على أنني على يقين من صدق دعوتي ، لأن الإنسان لا يقدم أحبّ الناس لديه في مواقع احتمال الخطر إلا إذا كان واثقا من النجاة.
(وَنِساءَكُمْ) ممن تختارون من النساء في مجتمعكم الخاص (وَأَنْفُسَنا) ممن هم في موقع النفس من حيث المنزلة والمحبة والإعزاز ، وهو عليّ عليهالسلام لأنه يمثل الصورة الحية الصّادقة لكل الكمالات والتطلعات والسلوكيات والملكات التي أمثلها ، لأنني ربيته وأنشأته منذ طفولته على صورتي في أخلاقي وروحياتي وأقوالي وأمثالي ، فكان مني بمنزلة النفس من النفس ، والذات من الذات ، والروح من الروح ، والعقل من العقل ... وليس هناك في الساحة غير عليّ عليهالسلام الذي عاش معي كما لم يعش أحد غيره معي ، وكان مني «بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» (١) ، (وَأَنْفُسَكُمْ) ممّن يمثلون وجودكم وذواتكم في حياتكم الخاصة ، (ثُمَّ نَبْتَهِلْ) وندعو الله ونجتهد في الإخلاص له والخضوع بين يديه ، (فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) منا ومنكم ، فذلك هو الذي ينتهي بالأمور إلى نهاياتها الأخيرة من دون نزاع ولا خصام.
وجاء في تفسير الكشاف للزمخشري «وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج وعليه مرط مرجل من شعر أسود ، فجاء الحسن فأدخله ، ثم جاء الحسين فأدخله ، ثم فاطمة ، ثم عليّ ، ثم قال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) (٢) [الأحزاب : ٣٣]. «فإن قلت : ما كان دعاؤه إلى
__________________
(١) البحار ، م : ١ ، ج : ٢ ، باب : ٢٩ ، ص : ٤٨٦ ، رواية : ٣.
(٢) أخرجه مسلم من طريق صفية بنت شيبة عنها ، وغفل عنه الحاكم فاستدركه.