فيتعب ليرتاحوا ، ويجوع ليشبعوا ، ويظمأ ليرتووا ، ويضحي بحياته ليعيشوا بعده ... وها أنا أقدم بين يديّ للمباهلة ولديّ الحسن والحسين اللذين يمثلان كل حبي في العاطفة ، وكل شعوري في المحبة وأملي بمستقبل الرسالة ، فهما سيدا شباب أهل الجنة ، وريحانتاي في الدنيا.
قال صاحب مجمع البيان : «أجمع المفسرون على أن المراد بأبنائنا الحسن والحسين عليهماالسلام ، قال أبو بكر الرازي : هذا يدل على أن الحسن والحسين ابنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأن ولد الابنة ابن في الحقيقة. وقال ابن أبي علان ـ وهو أحد أئمة المعتزلة ـ : هذا يدل على أن الحسن والحسين كانا مكلّفين في تلك الحال لأن المباهلة لا تجوز إلا مع البالغين ، وقال أصحابنا : إن صغر السن ونقصانها عن حدّ بلوغ الحلم لا ينافي كمال العقل ، وإنما جعل بلوغ الحلم حدّا لتعلق الأحكام الشرعية ، وقد كان سنّهما في تلك الحال سنّا لا يمتنع معها أن يكونا كاملي العقل. على أن عندنا يجوز أن يخرق الله العادات للأئمة ويخصهم بما لا يشركهم فيه غيرهم ، فلو صح أن كمال العقل غير معتاد في تلك السن ، لجاز ذلك فيهم إبانة لهم عمن سواهم ودلالة على مكانهم من الله تعالى واختصاصهم ، ومما يؤيده من الأخبار قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا» (١).
ونلاحظ على هذا الحديث حول البلوغ وكمال العقل كشرط للمباهلة ، أن مثل هذا الحديث في الجدل الدائر فيه ، يتوقف على أن يكون الحسنان عليهماالسلام طرفين مستقلين في المباهلة ، كما لو كانا هما اللذان يتوليانها في مقابل نظائر هما من الآخرين ليباهل الرجال الرجال والنساء النساء والأبناء الأبناء ؛ ولكن يمكن أن تكون المسألة واردة على أساس أن يقدم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وهو واثق بأن الحق معه وأن النتيجة الحاسمة الإيجابية ستكون له ـ ابنيه وابنته وابن عمه ، ليكونوا طرفا في الابتهال وفريقا في النتائج الحاسمة الأخيرة ، بعيدا عما إذا كانوا مشاركين في التحدي ؛ والله العالم.
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٢ ، ص : ٧٦٣.