ولنا هنا ملاحظات :
رسول لبني إسرائيل أم للبشر؟
هل كان عيسى عليهالسلام رسولا لبني إسرائيل دون غيرهم؟
ربما توحي فقرة : (وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) بالخصوصية ، وربما ينافي ذلك ما هو المشهور من أن عيسى عليهالسلام من أنبياء أولي العزم الذين يتميزون بأن رسالتهم تمثل دينا جديدا ينتهي إليه الدين الذي جاء قبله ، مما يعني بالصفة العالمية لهم ، لأن الدين الجديد لا يأتي لجماعة خاصة من الناس.
وربما يجاب بأن هناك فرقا بين الرسول والنبي ، فإن «النبوّة هي منصب البعث والتبليغ ، والرسالة هي السفارة الخاصة التي تستتبع الحكم والقضاء بالحق بين الناس ، إمّا بالبقاء والنعمة ، أو بالهلاك كما يفيده قوله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) [يونس : ٤٧]. وبعبارة أخرى ، النبي هو الإنسان المبعوث لبيان الدين للناس ، والرسول هو المبعوث لأداء بيان خاص يستتبع ردّه الهلاك وقبوله البقاء والسعادة» (١).
وخلاصة الفكرة أن لعيسى عليهالسلام صفتين ، النبوة العامة من حيث هو صاحب دين ، والرسالة من حيث هو حاكم وقاض بين الناس. وربما كان المراد من كونه رسولا إلى بني إسرائيل ، أنهم الجماعة الذين يواجههم بالرسالة في حركته الأولى ، باعتبار أن لكل دين منطلقا من الموقع والأشخاص الذين تبدأ الرسالة من ساحتهم ، وتتحرك في قضاياهم ، لترتكز على قاعدة متينة ثابتة يجمع فيها النبي المؤمنين به ، ويلتقي بحواريّيه ويثقف الدعاة إلى دينه والمجاهدين في سبيله ، ليكون دوره فيهم دور التجربة الأولى التي يبدأ بها خط تجاربه الأخرى في المستقبل. وفي ضوء ذلك لا يكون الحديث عن رسالته إلى بني إسرائيل
__________________
(١) الطباطبائي ، محمد حسين ، الميزان في تفسير القرآن ، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت ـ لبنان ، ط : ١ ، ١٤١١ ه ـ ١٩٩١ م ، ج : ٣ ، ص : ٢٢٩.