تَعْلَمُونَ) الذي تعرفونه فلا تبينونه للناس فأنتم على علم بأنه الحق من ربكم ، وقد أراد الله من كل عالم بالكتاب أن يبينه للناس ، لأن الحق أمانة الله عندهم ، بحيث تكون عملية الإخفاء والكتمان خيانة للأمانة.
لقد وقف المعقّدون الحاقدون من أهل الكتاب موقف الحقد والعداوة من الإسلام والمسلمين في كيدهم المستمر للإسلام من خلال ما يثيرونه من أفكار الضلال وأساليب التضليل ، وذلك من أجل أن ينحرفوا بالمسلمين عن الخط المستقيم ، انطلاقا من العقدة ، لا من القناعة المرتكزة على وضوح الرؤية ... وبذلك كانت القضية تمثل لديهم أمنية ، فهم يودون للمسلمين الضلال ، فيتحيّنون الفرصة لإثارة التشكيك لديهم في شؤون العقيدة والشريعة والحياة ... وليست القضيّة لديهم أنهم يريدون تحويلهم إلى صفوفهم ، بل كل ما هناك أنهم يضلونهم عن طريقهم الحق ...
* * *
وما يضلون إلا أنفسهم والبسطاء
... ويؤكد القرآن بأن هذه المحاولات لن تنجح ولن تصل إلى أهدافها الشيطانية ، بل سترتدّ ضلالا على أصحابها ، لأنهم كلما أمعنوا في أساليبهم تلك ، كلّما ابتعدوا بأنفسهم عن خطّ الهدى ، فإن السائر على خط الضلال والعامل على إضلال الآخرين ، لا بدّ له من العمل على الامتداد بعيدا في أجواء الضلال ، ومن ابتداع أفكار وأساليب متنوعة للضلال بحيث يختزنها في أعماقه ، ويؤمن بها في فكره ، ويعيشها في حياته وخطواته ، الأمر الذي يجعلهم يمتدون في الضلال والانحراف من ناحية ذاتية ... وبذلك يضلّون أنفسهم ، ولا يضلّون المؤمنين الواعين الذين يرصدون خطوات الأعداء جيّدا فيتنبهون لما يحاولونه من إبعادهم عن دينهم الحق ... بينما يكون أولئك مندمجين في اللعبة ، غارقين في الحقد ، فلا يشعرون بنتائجها الوخيمة عليهم.