ما للناس عليهم من حقوق وواجبات ، وتكون ممن لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ، بل يطردهم من رحمته ، ولا يزكيهم لأنهم لا يملكون أساسا للتزكية ، بعد أن كانت نفوسهم غارقة في أجواء الخيانة ، ولهم عذاب أليم بما قاموا به من أعمال وجرائم في نقضهم عهد الله وخيانتهم له.
* * *
تجارة خاسرة
(إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ) الذي عاهدوا الله عليه من حيث إعلانهم التزام الدين الذي آمنوا به من خلال أخلاقيته في الوقوف مع الحق ، وإبلاغه للناس ، وعدم كتمانه على أساس العقدة الذاتية والطائفية (ثَمَناً قَلِيلاً) فاختاروا المتاع الزائل من المال أو الجاه وغيرهما من متاع الدنيا الفانية ، وفضلوه على الوفاء بعهد الله والالتزام بالتقوى ، لأنهم لم يفكروا تفكيرا دقيقا في نتائج هذا الموقف وتأثيراته السلبية على مستقبلهم في علاقاتهم بالله في الدنيا والآخرة ، وأقبلوا على شهواتهم وأطماعهم في عملية استغراق في الذات بعيدا عن الله وميثاقه ، ممّا لا يتناسب من حيث حجمه في ذاته مع نعيم الآخرة ولذاتها ، لأن ما عند الله خير وأبقى ، ورضوان الله أكبر. ولهذا عبّر عن خيارهم الفردي بأنهم أخذوا به الثمن القليل. ولعل التعبير بالاشتراء في اختيارهم جاء على سبيل الكناية من حيث مشابهة ذلك الموقف لعملية البيع والشراء ، وإن لم يكن ذلك واردا بالمعنى المصطلح ، (أُولئِكَ) الناس الموجودون في كل زمان ومكان (لا خَلاقَ لَهُمْ) في سلوكهم العملي المنحرف على مستوى العقيدة أو على مستوى القضايا العامة والخاصة في العلاقات المالية والاجتماعية بين الناس ، (فِي الْآخِرَةِ) أي في الدار الآخرة التي يحصل كل إنسان فيها على نتائج مسئوليته في عمله في الدنيا ، إن كان خيرا فخير وإن كان شرّا فشّر ، أي لا نصيب لهم ولا حظ في يوم القيامة ، مما يحقق للإنسان سعادته وراحته ، لأن ذلك هو الجائزة التي ينالها الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق على هدى