(عِوَجاً) : بكسر العين : انحرافا عن الحق ، وانعطافا إلى الباطل ، والعوج : هو الميل عن طريق الاستواء في الدين وفي القول وفي الأرض. والفرق بين العوج ـ بالفتح ـ والعوج ـ بالكسر ـ أن الأول يقال في ما يدرك بالبصر ، والثاني في ما يدرك بالفكر والبصيرة.
* * *
لوم مشوب بإنكار
في هاتين الآيتين دعوة إلى الحديث مع أهل الكتاب بأسلوب يحمل طابع العتاب الهادي الذي يتحوّل في نهاية الآية إلى تهديد خفيّ حازم ، فهو يواجههم في الآية الأولى بالآيات البارزة التي أقامها الله ـ من خلال وحيه ـ على كثير من أحكامه وشرائعه في ما تحدثت به الآيات السابقة وغيرها ، ويتساءل في لهجة اللوم المشوب بالإنكار على الأساس في جحودهم لها ، ثم يتركهم أمام السؤال ليواجهوا أنفسهم بالجواب الذي لا بدّ من أن يكتشفوا من خلاله ضلالهم وتمرّدهم وعنادهم ، لأنهم لا يجدون أساسا لذلك من خلال ما لديهم من فكر أو برهان ، بل يجدون بدلا من ذلك مزيدا من الشعور بالحقارة الشديدة في داخل نفوسهم. ويختم الآية بأنهم إذا استطاعوا أن يخفوا أعمالهم الباطنة عن الناس ، فإنهم لا يستطيعون إخفاءها عن الله ، فإنه الشهيد على كل ما يعلمون في سرّهم وعلانيتهم. وبذلك يضعهم وجها لوجه أمام مواقع المسؤولية في يوم القيامة.
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ) من اليهود الذي كانوا في المدينة في مواقفهم المنحرفة المعقدة المتحركة في الخط العدواني ضد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والمسلمين معه في مواجهة الإسلام (لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) التي أنزلها على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم مما قرأتموه في التوراة أو شاهدتموه من علامات النبوة فيه ، فلم تكن لكم أيّة حجة في الكفر والإنكار (وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ) مما تكيدون فيه وتضمرونه من