الرّسالي الذي يتمثل في رسالة النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من خلال البشارة به في التوراة والإنجيل ، وتملكون الفكر الذي تتعرفون من خلاله عمق الأشياء في أسرارها وخلفياتها وامتداداتها بما يجعلكم في موقع الشهادة للحق من قاعدة المعرفة التفصيلية للفارق بين الحق والباطل ، مما يفرض عليكم تحمل مسئولياتكم العملية في هذه القضية لتواجهوا الموقف الحاسم بين يدي الله ، فإنه المطّلع على سرّكم وعلانيتكم ، وتلك هي الحقيقة الإيمانية التي تفرض نفسها على وجدان كل مؤمن بالله ، أو كل إنسان واع للمعنى الإلهي في معنى الربوبية ، (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) الأمر الذي يجعلكم في موقع الحذر من تهديده في اطلاعه على كل شيء وقدرته على كل شيء.
ومن خلال هاتين الآيتين نكتشف طبيعة الأسلوب التقريري ، الذي يريد أن يقرر الحقيقة للآخرين في نوعية مواقفهم بطريقة توجيه الخطاب إليهم ، لتنكشف اللعبة من خلال كشف اللاعبين أمام أنفسهم وأمام الآخرين ، في جوّ من التهديد الخفيّ الذي يشعرون معه بأن عين الله النفاذة إلى الأعماق لا تغفل عن كل ذلك ، مهما كان حجمه ومهما كانت نتائجه ، ليعيشوا القلق الروحي الذي قد يدفعهم إلى التراجع عن مواقفهم ، ويمنعهم عن الامتداد بعيدا في ما يمتدون به من خطوات الغيّ والضلال ، أو يفضحهم في عيون الآخرين ، فلا يستطيعون أن يضللوا ويفسدوا في أقوالهم وأفعالهم.
* * *