قوله : (وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا) (١) قال ابن عباس : وكانت الآية الكبرى لهما هذا الفارس والسلطان.
ومن ذلك ما رواه الرضا عليهالسلام عن آبائه الطاهرين عليهمالسلام أن يهوديا جاء إلى أبي بكر في ولايته وقال له : إنّ أبي قد مات وخلف كنوزا ، ولم يذكر أين هي ، فإن أظهرتها كان لك ثلث وللمسلمين ثلث آخر ، ولي ثلث وأدخل في دينك ، فقال أبو بكر : لا يعلم الغيب إلّا الله ، فجاء إلى عمر فقال له مقالة أبي بكر ، ثم دلّه على علي عليهالسلام فسأله فقال : رح إلى بلد اليمن واسأل عن وادي برهوت بحضر موت ، فإذا حضرت الوادي فاجلس هناك إلى غروب الشمس فسيأتيك غرابان سود مناقيرها تنعب فاهتف باسم أبيك وقل له : يا فلان أنا رسول وصيّ رسول الله صلىاللهعليهوآله إليك كلّمني فانّه يكلّمك فاسأله عن الكنوز فإنّه يدلّك على أماكنها ، فمضى اليهودي إلى اليمن واستدل على الوادي وقعد هناك ، وإذا بالغرابين قد أقبلا فنادى أباه فأجابه ، وقال : ويحك ما أقدمك إلى هذا الموطن ، وهو من مواطن أهل النار؟ فقال : جئت أسألك عن الكنوز ، أين هي؟ فقال : في موضع كذا وفي حائط كذا. ثم قال : ويلك اتبع دين محمد تسلم فهو النجاة. ثم انصرف الغرابان ، ورجع اليهودي فوجد كنزا من ذهب وكنزا من فضّة ، فأوقر بعيرا وجاء به إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وهو يقول : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله وأنك وصي رسول الله وأخوه وأمير المؤمنين حقّا كما سمّيت ، وهذه الهدية فاصرفها حيث شئت فإنّك وليه في العالمين (٢).
ومن ذلك ما رواه ابن عباس أن جماعة من أهل الكوفة من أكابر الشيعة سألوا أمير المؤمنين أن يريهم من عجائب أسرار الله فقال لهم : إنّكم لن تقدروا أن تروا واحدة ، فتكفروا ، فقالوا : لا شك أنك صاحب الأسرار ، فاختار منهم سبعين رجلا وخرج بهم إلى ظاهر الكوفة ثم صلّى ركعتين وتكلّم بكلمات وقال : انظروا فإذا أشجار وأثمار حتى تبين لهم أنه الجنة ، فقال أحسنهم قولا : هذا سحر مبين ، ورجعوا كفّارا إلّا رجلين ، فقال لأحدهما : أسمعت ما قال أصحابك وما هو والله بسحر ، وما أنا بساحر ، ولكنه علم الله ورسوله ، فإذا رددتم عليّ
__________________
(١) القصص : ٣٥.
(٢) مدينة المعاجز : ٢ / ٤٧ ح ٣٩٣.