وعلم الأمراء أنّ ذلك من فعل ابن منقذ ، فعزموا على قتله ، فخلا بعبّاس وقال له : كيف تصبر على ما أسمع من قبيح القول من النّاس : أنّ الظّافر يفعل بابنك نصر؟ وكان من أجمل النّاس ، وكان ملازما للظّافر.
فانزعج لذلك فقال : كيف الحيلة؟
قال : اقتله فيذهب عنك العار.
فاتفق مع ابنه على قتله (١).
وقيل : إنّ الظّافر أقطع نصر بن عبّاس قليوب كلّها ، فدخل وقال : أقطعني مولانا قليوب. فقال ابن منقذ : ما هي في مهرك بكثير. فجرى ما ذكرناه (٢).
وهربوا فقصدوا الشّام على ناحية أيلة في ربيع الأوّل سنة تسع وأربعين (٣).
وملك الصّالح طلائع بن رزّيك ديار مصر من غير قتال ، وأتى إلى دار ابن عبّاس المعروفة بدار الوزير المأمون ابن البطائحي التي هي اليوم المدرسة السّيوفيّة الحنفيّة (٤) ، فاستحضر الخادم الصّغير الّذي كان مع الظافر لمّا نزل سرّا ، وسأله عن الموضع الّذي دفن فيه الظّافر ، فعرّفه به ، فقلع البلاطة الّتي كانت عليه ، وأخرج الظّافر ومن معه من المقتولين ، وحملوا ، وقطّعت عليهم الشّعور ، وناحوا عليهم بمصر ، ومشى الأمراء قدّام الجنازة إلى تربة [القصر] (٥). وتكفّل الصّالح بالصّغير ودبّر أحواله.
وأمّا عبّاس ومن معه ، فإنّ أخت الظّافر كاتبت الفرنج بعسقلان الّذين
__________________
(١) أخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٩٣.
(٢) الكامل.
(٣) وفيات الأعيان ٣ / ٤٩٢.
(٤) انظر : أخبار مصر لابن ميسر ٢ / ٩٢.
(٥) في الأصل بياض. والمستدرك من : الكامل ١١ / ١٩٣ ، ووفيات الأعيان ٣ / ٤٩٣ ، وأخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٩٤ ، وهي «تربة آبائه» كما في : (نزهة المقلتين لابن الطوير ٧٢).