عظيما ، أشهل العينين ، كثّ اللّحية ، شثن الكفّين (١) ، طويل القعدة ، واضح بياض الأسنان. بخدّه الأيمن خال ، عظيم الهامة (٢).
قال صاحب سيرته : هكذا رأيته.
قال ابن خلّكان (٣) : وحكي أنّ عبد المؤمن كان في صباه نائما ، فسمع أبوه دويّا ، فرفع رأسه ، فإذا سحابة سوداء من النّحل قد أهوت مطبقة على بيته ، فنزلت كلّها على عبد المؤمن وهو نائم ، فلم يستيقظ ، ولا أذاه شيء منها ، فصاحت أمّه ، فسكّتها أبوه ، وقال : لا بأس ، ولكنّي متعجّب ممّا يدلّ عليه هذا. ثمّ طار عنه النّحل كلّه ، واستيقظ الصّبيّ سالما فمشى أبوه إلى زاجر فأخبره الأمر ، فقال : يوشك أن يكون له شأن يجتمع على طاعته أهل المغرب.
وقد ذكرنا في ترجمة ابن تومرت كيف وقع بعبد المؤمن ، وأفضى إليه بسرّه. وكان ابن (٤) تومرت يقول لأصحابه : هذا غلّاب الدّول.
وقد مرّ أيضا في ترجمة ابن تومرت : وفي سنة إحدى وعشرين جرت وقعة البحيرة على باب مرّاكش استؤصلت فيها عامّة عسكر الموحّدين ، ولم ينج منهم إلّا أربعمائة مقاتل ، وولّت المصامدة. فلمّا توفّي ابن تومرت سنة أربع وعشرين أخفوا موته ، فكان عبد المؤمن وغيره يخرج الرجل منهم ويقول : قال المهديّ كذا. وأمر بكذا. وجعل عبد المؤمن يخرج بنفسه ، ويغير على البلاد ، وأمرهم يكاد أن يدثر ، حتّى وقع بين المرابطين وبين الفلاكيّ ما أوجب عليه الهرب منهم فقدم إلى جبل ، فتلقّاه عبد المؤمن بالإكرام ، واعتضد به اعتضادا كليّا.
فلمّا كان في سنة تسع وعشرين صرّحوا بموت المهديّ ، ولقّبوا عبد
__________________
(١) في الأصل : «الكتفين».
(٢) قوله : «عظيم الهامة» ليس في (وفيات الأعيان).
(٣) في وفيات الأعيان ٣ / ٣٧ ، ٢٣٨.
(٤) في الأصل : «أبو».