المؤمن بأمير المؤمنين. ورجعت حصون الفلاكيّ كلّها للموحّدين والفلاكيّ يغير على نواحي السّوس ، وأغمات ، وهم كلّهم تنمو أحوالهم وتستفحل.
قال صاحب «المعجب» (١) : قبل وفاة ابن تومرت بأيّام استدعى المسمّين بالجماعة ، وأهل الخمسين ، والقوّاد الثّلاثة : عمر بن عبد الله الصّنهاجيّ المعروف بعمر أرتاج (٢) ، وعمر بن ومزال المعروف بعمر إينتي ، وعبد الله بن سليمان ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : إنّ الله سبحانه ، وله الحمد ، منّ عليكم أيّتها الطّائفة بتأييده ، وخصّكم من بين أهل هذا العصر بحقيقة توحيده ، وقيّض لكم من ألفاكم ضلّالا لا تهتدون ، وعميا لا تبصرون ، لا تعرفون معروفا ، ولا تنكرون منكرا ، قد فشت فيكم البدع ، واستهوتكم الأباطيل ، وزيّن لكم الشّيطان أباطيل وترّهات ، أنزّه لساني عن النّطق بها ، فهداكم الله به بعد الضّلالة ، وأبصركم به بعد العمى ، وجمعكم بعد الفرقة ، وأعزّكم بعد الذّلّة ، ورفع عنكم سلطان هؤلاء المارقين ، وسيورثكم أرضهم وديارهم ، وذلك بما كسبت أيديكم ، وأضمرته قلوبكم ، فجدّدوا لله خالص نيّاتكم ، وأروه من الشّكر قولا وفعلا ما يزكّي به سعيكم ، واحذروا الفرقة ، وكونوا يدا واحدة على عدوّكم ، فإنّكم إن فعلتم ذلك هابكم النّاس ، وأسرعوا إلى طاعتكم ، وإن لا تفعلوا شملكم الذّلّ ، واحتقرتكم العامّة. وعليكم بمزج الرّأفة بالغلظة ، واللّين بالعنف. وقد اخترنا لكم رجلا منكم ، وجعلناه أميرا عليكم بعد أن بلوناه ، فرأيناه ثبتا في دينه ، متبصّرا في أمره ، وهو هذا ، وأشار إلى عبد المؤمن ، فاسمعوا له وأطيعوا ، ما دام سامعا مطيعا لربّه تعالى وتقدّس ، فإن بدّل ففي الموحّدين بركة وخير ، والأمر أمر الله يقلّده من يشاء.
فبايع القوم عبد المؤمن ، ودعا لهم ابن تومرت ، ومسح صدورهم.
وأمّا ابن خلّكان فقال (٣) : لم يصحّ عنه أنّه استخلفه ، بل راعى أصحابه
__________________
(١) ص ٢٨٥ ـ ٢٨٧.
(٢) في (المعجب) : «أزتاج».
(٣) في وفيات الأعيان ٣ / ٢٣٩.