في تقديمه إشارته ، فتمّ له الأمر.
قال : وأوّل ما أخذ من البلاد وهران ، ثمّ تلمسان ، ثمّ فاس ، ثم سلا ، ثمّ سبتة. ثمّ إنّه حاصر مرّاكش أحد عشر شهرا ، ثمّ أخذها في أوائل سنة اثنتين وأربعين. وامتدّ ملكه إلى أقصى المغرب وأدناه ، وبلاد إفريقية ، وكثير من الأندلس ، وسمّى نفسه : أمير المؤمنين ، وقصدته الشّعراء وامتدحوه.
ولمّا قال فيه الفقيه محمد بن أبي العبّاس التّيفاشيّ هذه القصيدة وأنشده إيّاها :
ما [هزّ] (١) عطفيه بين البيض والأسل |
|
مثل الخليفة عبد المؤمن بن عليّ (٢) |
فلمّا أنشده هذا المطلع أشار إليه أن يقتصر عليه ، وأجازه بألف دينار.
وقال صاحب «المعجب» (٣) : ولم يزل عبد المؤمن بعد موت ابن تومرت يقوى ، ويظهر على النّواحي ، ويدوّخ البلاد. وكان من آخر ما استولى عليه مرّاكش كرسيّ ملك أمير المسلمين عليّ بن يوسف بن تاشفين. وكان لمّا توفّي عليّ عهد إلى ابنه تاشفين ، فلم يتّفق له ما أمّله فيه من استقلاله بالأمور ، فخرج قاصدا نحو تلمسان ، فلم يتهيّأ له من أهلها ما يحبّ ، فقصد مدينة وهران ، وهي على ثلاثة مراحل من تلمسان ، فأقام بها ، فحاصره جيش عبد المؤمن ، فلمّا اشتدّ عليه الحصار خرج راكبا في سلاحه ، فاقتحم البحر ، فهلك.
ويقال : إنّهم أخرجوه وصلبوه ، ثمّ أحرقوه في سنة أربعين. فكانت ولايته ثلاثة أعوام في نكد ، وخوف ، وضعف.
ولمّا ملك عبد المؤمن مرّاكش طلب قبر أمير المسلمين ، وبحث عنه ، فما وقع به. وانقطعت الدّعوة لبني العبّاس بموت أمير المسلمين وابنه
__________________
(١) في الأصل بياض ، والمستدرك من : الكامل والوفيات.
(٢) الكامل في التاريخ ١١ / ٢٤٤ ، وفيات الأعيان ٣ / ٢٣٩ ، سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٧٠.
(٣) ص ٢٨٨.