الفقهاء والأدباء وسمع الحديث ، وقرأ القراءات ، وشارك في فنون عديدة. وكان خبيرا باللّغة ، ويعرف النّحو والعروض. وكان مسدّدا في السّنّة واتّباع السّلف ، ثمّ أمضّه الفقر فتعرّض للكتابة وأدّب ، [وشارف] (١) الخزانة ، ثمّ ولي ديوان الزّمام للمقتفي بأمر الله ، ثمّ استوزره المقتفي سنة أربع وأربعين فدام وزيره ، ثمّ وزر لولده المستنجد إلى أن مات.
وكان من خيار الوزراء أدبا ، وصلاحا ، ورأيا ، وعقلا ، وتواضعا لأهل العلم وبرّا بهم.
سمع : أبا عثمان بن ملّة ، وأبا القاسم بن الحصين ، ومن بعدهما.
وكان يحضر مجلسه الأئمّة والفقهاء ، ويقرأ عنده الحديث على الرّواة ، ويجري من البحوث والفوائد عجائب. دخل عليه الحيص بيص مرّة ، فقال له ابن هبيرة ، قد نظمت بيتين تقدر أن تعزّزهما بثالث؟. فقال : وما هما؟ قال :
زار الخيال نحيلا (٢) مثل مرسلة |
|
فما شفاني منه الضّمّ والقبل |
ما زارني قطّ (٣) إلّا أن (٤) يوافقني |
|
على الرّقاد فينفيه ويرتحل |
فقال الحيص بيص من غير رويّة :
وما دري أنّ نومي حيلة نصبت |
|
لوصله حين رأى (٥) اليقظة الحيل (٦) |
__________________
(١) في الأصل بياض. والمستدرك من (سير أعلام النبلاء).
(٢) في الأصل : «نجلاء» ، وفي التذكرة الفخرية : «نجيلا».
(٣) في سير أعلام النبلاء : «ما زارني الطيف».
(٤) في المصادر : «إلّا كي».
(٥) في المصادر : «حين أعيّا».
(٦) الأبيات في : وفيات الأعيان ٦ / ٥٧ (في ترجمة ابن القطان البغدادي). وفيه إن ابن القطان هو الّذي أنشد البيتين الأولين أمام الوزير عليّ بن طراد الزينبي ، وطلب من الحيص بيص أن يعزّزهما بثالث ، فأنشده البيت الأخير ، وهو في ديوانه ٢ / ١٦. والأبيات الثلاثة في (التذكرة الفخرية) للإربلي ص ٩٥ وفيه إنّ الحيص بيص دخل على الوزير ابن هبيرة وهو ينشد البيتين ، ويقول : هذا والله تامّ وفوق التامّ ، لا بل التامّ جزء منه. فقال الحيص بيص : يا مولانا له تمام ، فقال : انظر ما تقول! قال : نعم بشرط أن يعيده الوزير ، فأعاده. فقال البيت الأخير ، فأجازه وأحسن صلته.