ومن الواضح أن الذين أشار إليهم الجزائري بيد الاجرام الأولى وروح الشر التي أبعدت الشيعة عن طريق أهل البيت هم علماء الشيعة الأولون قدس الله أسرارهم.
وهذا القول غير مستبعد ممن يلقي الكلام على عواهنه ، ولا يتورَّع عن التهمة بكل وجه قدر عليه.
ومن البيِّن أن علماء الشيعة الأبرار رحم الله الماضين منهم ، وحفظ الباقين هم الصلحاء الأتقياء الزهَّاد العُبَّاد ، الذين لم يسيروا كغيرهم في ركاب سلاطين الجور ، ولم يأكلوا من فتات موائدهم ، ولم يحلِّلوا لهم الحرام ، ويحرِّموا لهم الحلال ، ولم يصحِّحوا أخطاءهم ، ويبرِّروا قبائحهم ، ولو أرادوا ذلك لعرفوا الطريق إليه ، وسَعَوا في الحرص عليه (١).
__________________
(١) قال المناوي في فيض القدير ٢/٤١٩ : لما مات [عمر] بن عبد العزيز أراد القائم من بعده أن يمشي على نمطه ، حتى شهد له أربعون شيخا بأن الخليفة لا حساب عليه ولا عقاب.
ويكفي شهادة المناوي في وصف أكثر علماء زمانه الذين يظهر منه أنهم من علماء أهل السنة ، حيث قال : واكثر علماء الزمان ضربان : ضر منكب على حطام الدنيا ، لا يمل من جمعه ، وتراه شهره ودهره يتقلب في ذلك كالهمج في المزابل ، يطير من عذرة إلى عذرة ، وقد أخذت الدنيا بمجامع قلبه ، ولزمه خوف الفقر وحب الاكثار .... وضرب هم أهل تصنع ودهاء وخداع وتزين للمخلوقين وتملق للحكام ، شحا على رئاستهم ، يلتقطون الرخص ،