ومما ينبغي بيانه هاهنا أن الكتب السماوية التي في أيدي الناس لا ريب في كونها من كتب الضلال ، بسبب ما دخلها من التحريف ، وأما ما عند أهل البيت عليهمالسلام من كتب الأنبياء السابقين فهي وإن كانت منسوخة قد انتهى أمد العمل بها ، إلا أنها لا تشتمل على ضلال ، لأن الله سبحانه لا يقول إلا الحق ، ولا يُنْزل إلى الناس باطلاً.
قال صاحب الجواهر أعلى الله مقامه : ليس من كتب الضلال كتب الأنبياء السابقين ، ما لم يكن فيها تحريف ، إذ النسخ لا يُصيرها ضلالاً ، ولذا كان بعضها عند أئمتنا عليهمالسلام ، وربما أخرجوها لبعض أصحابهم ، بل ما كان منها مثل الزبور ونحوه من أحسن كتب الرشاد ، لأنها ليست إلا مواعظ ونحوها على حسب ما رأينا ، والله أعلم (١).
ومما تقدم أن أئمة أهل البيت عليهمالسلام وإن كانت كتب الأنبياء السابقين عندهم ، إلا أن ما يخصُّون شيعتهم به من العلوم الإلهية والمعارف الدينية هو مما أنزله الله تعالى على نبيه صلىاللهعليهوآله ، فعلَّمه لباب مدينة العلم ، الأُذُن الواعية لعلمه ، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، الذي أفاض علومه على مَن جاء بعده من أئمة العترة النبوية الطاهرة ، ثمّ أفاض كل إمام ما عنده من العلوم على الإمام الذي يأتي من بعده.
__________________
(١) جواهر الكلام ٢٢/ ٦٠.