وعرف بأنّهم يريدون ليطفئوا نور الله ورسوله.
والعقيلة زينب قد أشارت إلى هذه الحقيقة عندما خاطبت يزيد بقولها :
«كد كيدك ، واسْعَ سعَيك ، واجهَد جهدك ، فوالله الذي شرّفنا بالوحي والكتاب والنبوّة والانتخاب لا تُدرِك أمدَنا ، ولا تَبلُغ غايتنا ، ولا تمحو ذِكرَنا ، ولا تُميتَ وحينا ، ولا يرحض عنك عارها ، وهل رأيك إلّا فَنَد ، وأيامك إلّا عَدَد ، وجمعك إلّا بَدَد ، يوم ينادي المنادي : ألا لعنةُ الله على الظالم العادي ...» (١)
وكأنّ الإمام السجّاد عليّ بن الحسين أراد الإلماح إلى قضية الاختلافات الأذانيّة ، وعداء معاوية مع ذكر اسم النبيّ محمّد في الأذان ، حين عرّض بيزيد لمّا أمرَ المؤذن أن يؤذّن ليقطع خطبة الإمام عليّ بن الحسين في مسجد دمشق ..
قالوا : قال الإمام عليّ بن الحسين : يا يزيد ، ائذَن لي حتّى أصعد هذه الأعواد ... فأبى يزيد ، فقال الناس : يا أمير المؤمنين ، ائذن له ليصعد فلعلّنا نسمع منه شيئاً ، فقال لهم : إن صعد المنبر هذا لم ينزل إلّا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان ، فقالوا : وما قَدرُ ما يُحسِن هذا؟! فلم يزالوا به فإذن له بالصعود ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال :
أيّها الناس ، أُعطينا سِتّاً وفُضّلنا بسبع ، أُعطينا العلم والحلم ... وفُضّلنا بأنّ منّا النبيّ المختار محمّد ، ومنّا الصدّيق ، ومنّا الطيّار ، ومنا أسد الله وأسد الرسول ، ومنّا سيّدة نساء العالمين فاطمة البتول ، ومنّا سبطا هذه الأمّة وسيّدا شباب أهل الجنة ، فمَن عَرَفني فقد عرفني ، ومَن لم يعرفني أنبأتُه بحسبي ونسبي : انا ابن مكّة ومنى ، أنا ابن زمزم
__________________
(١) الاحتجاج ٣٠٩ ، بحار الأنوار ٤٥ : ١٣٥ ، اللهوف لابن طاووس ومثير الأحزان وغيرها.