على أنّ البخاري وغيره أرجعوا هذا الخبر إلى قبل أن يبعث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فجاء في الصحيحين عن شريك بن عبدالله بن أبي نمر : سمعت أنس بن مالك يحدّثنا عن ليلة أُسري بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من المسجد الكعبة : جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في مسجد الحرام ، فقال أوّلهم : أيّهم هو؟ فقال : أوسطهم هو خيرهم ، وقال آخرهم : خذوا خيرهم ، فكانت تلك ، فلم يَرَهم حتّى جاءوا ليلة أخرى فيما يرى قلبه والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نائمة عيناه ولا ينام قلبه .. فتولاّه جبرئيل ثمّ عرج به إلى السماء (١).
وفي هذه الضبابية وهذا الإبهام نرى كتب شروح الحديث عند أهل السنّة والجماعة لا توضّح إلّا بعض الشيء عن هؤلاء ، فحكى السندي في حاشيته على النسائي وضمن تفسيره لهذا الحديث .. «قالوا : هما حمزة وجعفر ...» (٢).
وفي شرح مسلم باب الإسراء : روي أنّه كان نائماً معه حينئذ عمّه حمزة بن عبدالمطّلب وابن عمّه جعفر بن أبي طالب (٣).
وفي فتح الباري بشرح صحيح البخاري : ... فقال أوّلهم : أيهم هو ، فيه إشعار بأنّه كان نائماً بين جماعة أقلّهم اثنان وقد جاء أنّه كان نائماً معه حينئذ حمزة ابن عبدالمطّلب وجعفر بن أبي طالب ابن عمّه (٤).
__________________
(١) صحيح البخاري ٥ : ٣٣ ـ ٣٤ / كتاب المناقب ـ باب «كان النبيّ تنام عينه ولا ينام قلبه». وانظر : ٩ : ٨٢٤ ، كتاب التوحيد ـ باب «وكلّم الله موسىٰ تكليما» ، وصحيح مسلم ١ : ١٤٨ ، كتاب الإيمان ، باب «الإسراء برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، وسنن البيهقي ٧ : ٦٢.
وقال ابن حجر في فتح الباري ١٣ : ٤٠٩ : «وقوله : قبل أن يُوحى إليه» أنكرها الخطّابي وابن حزم وعبدالحقّ والقاضي عياض والنووي ، وعبارة النووي : وقع في رواية شريك هذه أوهام أنكرها العلماء ، أحدها قوله : قبل أن يوحى إليه ، وهو غلط لم يَوافَق عليه.
(٢) حاشية السندي على النسائي ١ : ٢١٧ ، كتاب الصلاة باب فرض الصلاة وذكر اختلاف الناقلين.
(٣) هذا ما حكاه مهمّش تفسير القرطبي ٢٠ : ١٠٤. ولم نقف عليه في مظانّه.
(٤) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١٣ : ٤٠٩ ـ ٤١٠ ، كتاب التوحيد.