وأخرج عبدالرزّاق عن معمر ، عن الزهريّ : أنَّ أبا بكر الصدّيق قال : الأذان شعار الإيمان (١).
ونقل الصدوق بسنده إلى الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام ، قال : كنّا جلوساً في المسجد ، إذ صعد المؤذِّن المنارة ، فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، فبكى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، وبكينا لبكائه ، فلمّا فرغ المؤذّن ، قال : «أتدرون ما يقول المؤذِّن؟».
قلنا : الله ورسوله ووصيّه أعلم.
فقال : «لو تعلمون ما يقول لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، فلِقوله : الله أكبر ، معان كثيرة.
منها : أنَّ قول المؤذِّن : «الله أكبر» ، يقع على قِدَمِهِ ، وأزليّته ، وأبديّته ، وعلمه ، وقوّته ، وقدرته ، وحلمه ، وكرمه ، وجوده ، وعطائه ، وكبر يائه.
فإذا قال المؤذِّن : اللهُ أكبر ، فإنّه يقول : الله الذي له الخلق والأمر ، وبمشيّته كان الخَلق ، ومنه كلّ شيء للخلق ، وإليه يرجع الخلق ، وهو الأوّل قبل كلّ شيء لم يَزَل ، والآخِر بعد كلّ شيء لا يزال ، والظاهر فوق كلّ شيء لا يُدرَك ، والباطن دون كلّ شيء لا يُحَدّ ، فهو الباقي ، وكلّ شيء دونه فان.
والمعنى الثاني : «الله أكبر» ، أي : العليم الخبير ، عليم بما كان وما يكون قبل أن يكون.
والثالث : «اللهُ أكبر» ، أي : القادر على كلّ شيء ، يقدر على ما يشاء ، القويّ لقدرته ، المقتدر على خلقه ، القويّ لذاته ، وقدرته قائمة على الأشياء كلّها ، إذا قضى أمراً فإنّما يقول له : كن فيكون.
__________________
(١) مصنّف عبدالرزّاق ١ : ٤٨٣ / ١٨٥٨.