واتفق مالك (١) والشافعي (٢) على الترجيع في الأذان ، لكن الحنابلة (٣) والأحناف (٤) قالوا : لا ترجيع في الأذان ، وكلٌ استند فيما ذهب إليه إلى نقله عن بعض الصحابة!!
قال الأثرم : سمعت أبا عبدالله [يعني أحمد بن حنبل] يُسأَلُ : إلى أيّ الأذان يذهب؟ قال : إلى أذان بلال ...
قيل لأبي عبدالله : أليس حديث أبي محذورة بعد حديث عبدالله بن زيد ؛ لأنّ حديث أبي محذورة بعد فتح مكّة؟
فقال : أليس قد رجع النـبيّ إلى المدينـة فأقرّ بلالاً على أذان عبد الله بن زيد (٥).
بلى ، إنّ فِعل الصحابي كان هو الحجة رغم الاختلافات ، لكن لنا أنّ نتساءل عن هذا الاختلاف هل أنّه حصل بالفعل في زمن الصحابي ، أم أنّه من صنع المتأخرين ، وما هي ملابسات هذه الأحاديث المختلفة؟ بل ما هي قيمة رجال إسنادها؟!
ونحن إيماناً بضرورة دراسة مثل هذه الأمور سلّطنا بعض الضوء على رجال خبري بلال وأبي محذورة.
فقد ادّعي في طريق الطبراني والبيهقي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لبلال : «اجعل مكانها الصلاة خير من النوم» ، مع أنّ هذه الزيادة غير موجودة في طريق الحافظ العلوي.
__________________
(١) فتح المالك ١ : ٨.
(٢) المجموع للنووي ٣ : ٩٠.
(٣) المغني لابن قدامة ١ : ٤١٦. فتح الباري لابن رجب ٣ : ٤١٤.
(٤) المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٨ ، الهداية شرح البداية ١ : ٤١ باب الأذان.
(٥) المغني لابن قدامة ١ : ٤١٦ ـ ٤١٧.