وانطلاقاً من هذا الأساس المتشنّج كانت جميع الحركات الشيعيّة ودُولها في حال استلامها لزمام أُمور السياسة لا تتردّد في إعلاء «حيّ على خير العمل» من على المآذن في الأذان إعلاناً عن هويّتهم الحقيقيّة ، بل كان المدّ الجماهيري الشيعي في أحايين قوته يراهن على شرعيتها ، ولا يتنازل عن الهوية المحمدية العلوية.
نعم ، يمكن القول بذلك على أساس اتّخاذ الشيعة «حيّ على خير العمل» شعاراً لهم ، وإن كانت هذه الحيعلة الثالثة جزءاً من الأذان النبوي ، فشرعيتها أقدم من تاريخ شعاريتها بكثير ، حيث هي مسألة شرعيّة ثابتة منذ عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد بيّنّا ذلك بما فيه الكفاية.
وأمّا فيما يخصّ ذِكر أذان الإمام زين العابدين عليهالسلام الثابت للجميع وليس ثمّة منكر له ، فله ميزة خاصّة ، وذلك لمكانته بين المسلمين عموماً ، فالإماميّة والزيديّة ، بل مختلف فرق الشيعة ـ باستثناء الكيسانية المنقرضة ـ تذعن له وتستسلم لأوامره ونواهيه الشرعيّة ، ويقرّون له عليهالسلام بأنّه إمام للمسلمين وحجّة لله على خلقه ، وبالنسبة لباقي الفرق فهم يتعاملون معه كأحد علماء المدينة على أقل ما يقال .. فإتيان الإمام زين العابدين عليهالسلام بـ «حيّ على خير العمل» يمثِّل ـ بلا ريب ـ شرعيّتها وامتداد جذورها إلى عصر الرسالة الأوّل ، وخصوصاً بعد وقوفنا على قوله عليهالسلام «إنّه الأذان الأول» والذي يوضّح بأنّ الأذان شرّع في الإسراء والمعراج ، وأن «حيّ على خير العمل» ، إشارة إلى ولاية الإمام عليّ وولده ، والذي كتب على ساق العرش.
وكذا الحال بالنسبة إلى فعل ابن عمر ، فإنّ إتيانه بها في أذانه ـ وهو فقيه أهل السنة والجماعة ـ ليؤكد شرعيتها ، ونحن لو أضفنا هذين الموردين إلى ما أورده الدسوقيّ في حاشيته عن الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وأنّه كان يأتي بها ، وإلى ما ذُكر عن الإمامين الباقر والصادق : ، لاتّضح لنا ولغيرنا بأنّ هذه المسألة لها أصل