أوّلاً ، أو للشجرة باعتبار أن المراد بها بنو أميّة ولعنهم لما صدر منهم من استباحة الدماء المعصومة ، والفروج المحصنة ، وأخذ الأموال من غير حلها ومنع الحقوق عن أهلها ، وتبديل الأحكام ، والحكم بغير ما أنزل الله تعالى على نبيه عليه الصلاة والسلام ، إلى غير ذلك من القبائح العظام والمخازي الجسام التي لا تكاد تُنسى ما دامت الليالي والأيام.
وجاء لعنهم في القرآن ، إما على الخصوص كما زعمته الشيعة ، أو على العموم كما نقول ، فقد قال سبحانه وتعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) ، وقال عزّوجلّ : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) إلى آيات أخر ، ودخولهم في عموم ذلك يكاد يكون دخولا أوّليّاً (١) ، انتهى موضع الحاجة من كلام الآلوسي.
وقال القرطبي في تفسيره : «فنزلت الآية مخبرة أنّ ذلك من تملّكهم وصعودهم [أي نَزْوِهِم على منبره نزو القردة] يجعلها الله فتنة للناس وامتحاناً ، وقرأ الحسن بن عليّ في خطبته في شأن بيعته لمعاوية : (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ). قال ابن عطية : وفي هذا التأو يل نظر ، ولا يدخل في هذه الرؤيا ، عثمان ، ولا عمر بن عبدالعزيز ، ولا معاوية» (٢).
وعليه فلا يصحّ ما قالوه من تكلّفات في كلمة الرؤيا والشجرة الملعونة في الآية ، مع وضوح أنّ الملعونين في القرآن هم جند إبليس واليهود ، والمشركون ، والمنافقون ، والذين ماتوا وهم كفار ، والذين يكتمون ما أنزل الله ، والذين يؤذون
__________________
(١) تفسير روح المعاني ١٥ : ١٠٧ ـ ١٠٨ ، هذا ومن المفيد الرجوع إلى التفسير الكبير للرازي ٢٠ : ٢٣٦ ـ ٢٣٧ لملاحظة سائر الأقوال في الآية المباركة.
(٢) تفسير القرطبي ١٠ : ٢٨٣ سورة الاسراء.