بقاعدة الشك الساري في ألسنة بعض المتأخرين لسريان الشك المتأخر إلى اليقين المتقدم فيزول اليقين ويتبدل بالشك وحاصلها الشك في صحة الاعتقاد السابق والتردد في صحة مطابقته للواقع كمن اعتقد بعدالة زيد يوم الجمعة فصلى خلفه وقبل شهادته ثم بعد هذا شك في عدالته في نفس ذلك اليوم أعني يوم الجمعة وهي بخلاف الاستصحاب فانه يكون الشك فيه طارئ على اليقين غير مزيل له لأنه شك في بقاء الشيء ولذا يسمى بالشك الطارئ.
والحاصل أن الرواية ظاهرة في العمل باليقين فيما إذا تعلق الشك بنفس ما تعلق به اليقين فتكون الرواية اجنبية عن المقام.
قلنا قاعدة اليقين قام الإجماع على عدم العمل بها لا سيما عند تبين فساد المدرك لليقين السابق وهو أغلب أفرادها فيلزم التخصيص بالأكثر ، وأما حكم العلماء بصحة الاعمال الواقعة على طبق اليقين السابق في بعض الموارد كالصلاة سابقا خلف من يعتقد عدالته ثم شك فهو لاجل قواعد اخرى كقاعدة الفراغ أو الشك بعد تجاوز المحل أو خروج الوقت لا للقاعدة المذكورة وقد تقرر في غير المقام أنه إذا لم يجز العمل بظاهر الدليل للاجماع على خلافه يجب التنزل إلى ما هو الظاهر منه وهكذا إلى أن يصل إلى حد الغلط فيطرح ، ومعلوم أن الاستصحاب هو الظاهر بعد عدم ارادة قاعدة اليقين مضافا إلى أن قوله (ع) «فابن على اليقين» ظاهر في وجود اليقين عند الشك لأن طلب البناء على الشيء ظاهر في وجود ذلك الشيء حين البناء عليه فلو قيل اكرم العالم فانه ظاهر في كونه عالما حالا الاكرام فالرواية ظاهرة في اعتبار وجود اليقين في ظرف ترتب الحكم عليه وهو البناء عليه عند الشك في الشيء والجري على مقتضاه حال الشك فيه وفي القاعدة لا يكون الأمر كذلك