الافعال بتمامها بل لا يمكن الاحاطة بها واحصائها للمكلفين فلو أرادها الشارع كان عليه البيان لها. كما أنه لا ريب في عدم حجية فعل المعصوم ما إذا علم اختصاصه به كما في خصائص النبي (ص) كزواجه زواجا دائميا بأكثر من أربعة وكذا إذا كان الفعل من العاديات ومن مقتضيات الطبيعة كالأكل والشرب والنوم ونحوها مما كان صدوره من الإنسان بحسب طبعه وعادته فإنه لم يكن دليلا على الحكم الشرعي نعم إنما يدل على إباحته كما يستدل على جواز القبلة من الصائم بما روي عن فعل النبي (ص) ذلك ، وهكذا التروك كتركه للنوم صباحا وقد يدل على استحباب نوع خاص منها أو كراهته فيما لو دل على محبوبية العمل الخاص بهذه الكيفية أو كراهته بكيفية خاصة.
إن قلت قد اشتهر ان المعصومين لا يصدر منهم المباح وإن أفعالهم كلها مستحبة ومندوبة.
قلنا ان مرادهم بما أشتهر هو أن المعصومين لا يأتون بالمباحات الذاتية إلا بعد قصد عنوان فيها يوجب رجحانها كإجابة المؤمن أو تعظيمه أو القوة على العبادة فالحكم برجحان الاتيان لا ينافي الاباحة الذاتية ومع احتمال الاباحة الذاتية لا دليل في الفعل على الرجحان. وهكذا لا يكون الفعل حجة إذا لم يكن بداعي بيان الحكم الواقعي كأن كان لأجل التقية ونحوها من مصالح إظهار غير الواقع بصورة الواقع ، نعم الذي هو حجة يستكشف به الحكم الشرعي لنظائر الواقعة هو الفعل الذي قصد به بيان العمل المطلوب مع العلم بجهة صدوره وإنه لبيان الحكم الواقعي لا أنه عمل صدر من جهة التقية ونحوها مما يوجب إبراز غير الواقع بصورة الواقع والعلم بوجهه من الوجوب أو الاستحباب أو الاباحة وعنوانه فإنه يكون حجة على ما دل عليه من متعلق الحكم