والدليل متى تطرقه الاحتمال بطل به الاستدلال.
قلنا قد عرفت أن الاخبار المذكورة في مقام الترغيب والحث على العمل المذكور فهي ظاهرة في بيان الحكم للعمل المذكور. على أنه قد عرفت أن مجرد ترتيب الثواب على العمل يوجب ظهور اللفظ في استحبابه للملازمة العرفية بينهما ، ولذا الفقهاء يستفيدون استحباب العمل من ترتب الثواب عليه كقوله (ص) «من سن سنة حسنة فله أجر من عمل بها». مضافا الى أن بعضها أشتمل على لفظ «كان أجر ذلك له» وهو يقتضي الاستحقاق لا التفضل بالثواب.
مضافا إلى أن التفضل بالثواب لا ينافي المطلوبية الشرعية للعمل فإن الله في كل ثواب يعطيه للعبد من باب التفضل بل ظاهر التفضل بالثواب هو المطلوبية المولوية والمحبوبية الشرعية حيث لا يعقل تفضله بالاحسان على عمل وهو غير مطلوب له.
إن قلت أن بلوغ الثواب عن النبي (ص) لا يصدق إلا اذا قام الدليل المعتبر عليه ، وأما قيام الخبر الضعيف على الثواب فليس ببلوغ واطلاق البلوغ عليه مجازا.
سلمنا ولكن الظاهر من هذه الأخبار بيان أن حصول الثواب بالعمل البالغ عليه الثواب غير مشروط بمصادفة بلوغه للواقع فهي بصدد بيان عدم اشتراط الثواب بالمصادفة للواقع لا بيان أن البلوغ بأي نحو كان يوجب حصول الثواب من العمل فلا يصح التمسك باطلاق البلوغ لأن الأخبار ليست بصدد بيانه وإنما هي بصدد بيان حكم آخر وهو إعطاء الثواب نظير قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) فإنه لا يصح التمسك بإطلاق الأمر بالأكل في جواز أكل ما امسكنه بدون تطهيره حيث لم يقيده بتطهير موضع إمساك الكلب لها ووجه عدم صحة