وجوب المقدمة شرعا فإنه يحتاج إلى نص شرعي خارج عن الدليل العقلي عليه يدل ذلك النص على وجوب ذيها وهكذا في مثل أكل مال اليتيم بلا عوض يحكم العقل بذم فاعله ومنعه عن فعله فيحرم بحكم العقل حرمة عقلية فيتحقق فيه الدعامة الأولى ثم بواسطة الدعامة الثانية وهي كلما حكم به العقل حكم به الشرع يثبت حرمته شرعا فاستفيد الحكم الشرعي من الدليل العقلي المستقل بدون الاحتياج إلى نص شرعي في أي مقدمة من مقدمات هذا الدليل العقلي أو في الخارج منها بخلاف حرمة الضد على القول بها فإنه يحتاج إلى نص شرعي خارج عن الدليل عليها يدل على وجوب الشيء لكنك قد عرفت إن هذا إنما يتم فيما لو اطلع العقل على المصلحة والمفسدة في الفعل وإما مع الجهل فلا مجال له ولذا لم يكن للعقل المستقل مسرح في أغلب العبادات. ولا في سائر كيفياتها والاكثرون ذهبوا إلى ثبوت هذه الدعامة الثانية.
وناقش في صحة هذه الدعامة الثانية بعض الاخباريين وجملة من فطاحل المتأخرين والدليل عليها إن الميزان في صيرورة الفعل محرما أو واجبا هو بغض المولى له ، وإراداته له ولو لم يكن في البين خطاب وليس الميزان الخطابات الصادرة من المولى بالحرمة أو الوجوب بدليل استقلال العقل بصحة معاقبة العبد على المخالفة لو علم بارادة المولى للعمل منه أو بغض المولى العمل منه ولو لم يكن خطاب للمولى بذلك العمل بل العقل يستقل بأن العبد لا يستحق العقاب على مخالفة الخطاب بوجوب العمل إذا علم بعدم إرادة المولى لذلك العمل وهكذا عدم استحقاق العقاب على فعل العمل إذا خالف الخطاب الحرمة إذا علم العبد بأن المولى لا يبغض العمل كما هو الشأن في إنقاذ ابن المولى وإنقاذ