دواعي توجب عدم زجره.
والحاصل ان البعث والزجر يختلفان باختلاف الاحوال والاشخاص وغلبة الشهوات والتفاوت في الملكات وملاحظة نظام الكائنات. وذلك حتى بالنسبة لله تعالى كما في صورة مزاحمة ما فيه المصلحة الملزمة لما كان فيه مصلحة ملزمة أهم منه فإنه يقبح من الله تعالى ان يريد المهم دون الأهم مع ما في المهم من المصلحة الملزمة وكما في صورة عدم استعداد العبد وقابليته لتلبية بعث المولى وزجره فانه لا يصدران من المولى للعبد مع علمه بحسن العمل أو مفسدته ألا ترى.
كما هو الحال بالنسبة للمسلمين في مبدأ الاسلام فانهم لم يخاطبوا بتكاليف الاسلام بأجمعها مع ما فيها المصالح والمفاسد الملزمة حيث لم يكن لهم استعداد وقابلية لارادتها منهم لنفرتهم منها ولذا جاءت لهم الاحكام الشرعية الالزامية تدريجية وهكذا الصبي المراهق للبلوغ ، فانه لم يحكم عليه باحكام الاسلام مع أن الواجبات والمحرمات بالنسبة اليه فيها مصالح ومفاسد ملزمة لكن لم يكن له استعداد وقابلية لإرادتها منه أو من جهة المشقة والحرج كما في السواك فقد ورد عن النبي (ص) «لو لا أن أشقّ على أمتي لامرتهم بالسواك عقيب كل صلاة».
وكما في صورة عدم قابلية المحل للارادة والزجر نظير نفس الطاعة والمعصية فانه يحكم العقل بحسن الطاعة وقبح المعصية مع عدم تعلق طلب الله تعالى بالطاعة له ولا نهيه بالمعصية له لعدم الفائدة فلو تعلقا كانا لغوا فظهر أنه لا ملازمة بين حسن العمل أو قبحه عقلا وبين إرادة الشارع وبعثه نحوه أو كراهته له وزجره عنه اللتين هما القوام والروح للخطاب بالايجاب أو التحريم.
هذا ملخص المناقشة في الدعامة الثانية ولكن الحق عدم صحتها فإن