المراد بالحسن هو الحسن الفاعلي أعني الذي يقطع العبد بأن يستحق الثواب بفعله ممن هو ولي الأمر والعقاب على تركه منه ومن قطع بذلك لا يتطرقه الاحتمال بمزاحمة الاهم ولا غير ذلك وإذا قطع بذلك لا محالة يقطع بأن المولى يريده منه ولا يرضى بتركه وهكذا المراد بالقبح هو القبح الفاعلي أعني الذي يقطع العبد بأن يستحق العقاب بفعله ممن بيده الامر ومع قطعه بذلك لا يتطرقه كل احتمال ينافيه فلا محالة عند ذا يدرك عقله ان الشارع الذي هو بيده الامر ببغض صدور ذلك منه وقد حققنا ذلك وأوضحناه في كتابنا الاحكام وشئونها.
وأما الايراد على هذه الدعامة بالاوامر الامتحانية بأن يأمر المولى العبد بشيء لا يريده المولى ولكن اختبارا للعبد. فهو لا يرد على هذه الدعامة لأنه لم يحكم العقل بشيء لم يحكم به الشرع وإنما يرد على عكسها وهو كلما حكم به الشرع حكم به العقل وليس هو محل كلامنا فمن أراد تحقيق ذلك فليراجع كتابنا الأحكام وشئونها.
وأما الايراد عليها بالطاعة والمعصية وعدم تعلق الامر والنهي بهما. فجوابه ما أجبنا به عن الايراد بالحرج من طرو عنوان عليهما يبدل الحكم العقلي وهو حكم العقل باللغوية يدركه نفس العاقل للحسن والقبح.
وينبغي التنبيه على أمور :
أحدها أن خلاصة ما تقدم هو أن الكلام في الدليل العقلي يكون في تشخيص الدليل العقلي الذي يستفاد منه القطع بالحكم الشرعي ولذا تجدهم في هذا المقام يبحثون في إعادة قاعدة التحسين والتقبيح للقطع بالحكم الشرعي وهكذا يبحثون عن الاستحسان والمصالح المرسلة والاستقراء والقياس بناء على أنها أدلة عقلية غير مستقلة وغيرها من الادلة