العقلية المستقلة.
وأما البحث عن حجية القطع فليس محل كلامهم كما هو الحال في الظن فانهم يبحثون في حجية ما أفاده الظن كخبر الواحد وظهور الكتاب والشهرة ونحوها وأما مسألة حجية الظن المطلق فهي إنما كانت في الازمنة المتأخرة ولهذا لا نجد أحدا من المنكرين لحجية القياس ونحوه ويقولون بحجية الدليل العقلي يمنعون من حجية القياس أو الاستقراء أو نحو ذلك إذا افادت القطع بالحكم الشرعي.
ثانيها : إنا إذا قلنا إن العقل إنما تكون دلالته حجة إذا أفاد القطع كأنه مقدما على سائر الأدلة النقلية لأنه مع القطع بالواقع ينكشف الواقع فتسقط دلالة كل دليل بالنسبة للقاطع فمن المستغرب جدا ممن يعد العقل الذي يدل دلالة قطعية على الحكم الشرعي في عداد الادلة الدالة على الحكم الشرعي ويجعله دليلا رابعا عند فقد الادلة الثلاثة الكتاب والسنة والاجماع مع أنه من الواضح أن القطع يتجلى به الواقع فلا يؤثر أي دليل معه فان من قطع بأن هذه هي الشمس الواقعية لا يؤثر أي دليل عنده على أنها ليست بالشمس الواقعية ويعد القاطع البرهان على خلاف ما قطع به من السوفسطائيات ، ولعل منشأ الاشتباه هو اختلاط الامر عليه بين العقل بحسب دلالته على الحكم الشرعي الواقعي وبين العقل بحسب دلالته على الحكم الظاهري فان الثاني لا يدل إلّا بعد عدم الظفر بالكتاب والسنة والاجماع فإذا ظفر بواحد منها أخذ به لا بحكم العقل لزوال موضوع حكم العقل ومع عدم الظفر بدلالة واحد منها على الحكم الشرعي يحكم العقل حينئذ أما بالبراءة أو الاستصحاب أو التخير أو الاحتياط كما هو رأي بعض الأصوليين وبعضهم الآخر يرجع للنقل مع عدم الظفر حيث أن من النقل ما يدل