وتفقّه على : فخر الدّين ابن عساكر ، وغيره.
وولي قضاء دمشق غير مرّة ، ولم تطل ولايته. وكان صدرا ، رئيسا ، محتشما ، نبيلا ، جليلا ، معرقا في القضاء.
وحدّث بدمشق ومصر ، وكتب عنه غير واحد.
روى عنه الدّمياطيّ في «معجمه» ، وساق نسبه إلى عثمان رضياللهعنه ، ولا أعلم لذلك صحّة. فإنّي رأيت الحافظ ابن عساكر قد ذكر جدّه لأمّه القاضي أبا المفضّل يحيى بن عليّ المذكور ، وذكر ابنه المحتسب وغيرهما ، ولم يتجاوز القاسم بن الوليد. وقال في جدّه المعروف بابن الصّائغ : القرشيّ قاضي دمشق. ولم يقل لا الأموي ولا العثمانيّ.
ثمّ إنّي رأيت كتاب وقف لبني الزّكيّ ، وهو وقف من جدّهم عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد القرشيّ. وقد وقفه في سنة نيّف وسبعين ومائتين ، ولم يزد في نسبه ولا نسبته على هذا ، ولا سمّى للوليد أبا ، ولا ذكر أنّه أمويّ ، والّذي زعم أنّه عثمانيّ قال فيه : الوليد بن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفّان.
والله أعلم بحقيقة ذلك. فإنّ المعروف من ذلك أنّ المتقدّمين يحفظون أنسابهم ويرفعونها. فإذا طالت السّنون والأحقاب على الأعقاب نسيت وأهملت واجتزئ بالنّسبة إلى القبيلة ، فقيل القرشيّ والقيسي والهمدانيّ وأمّا بالعكس فلا ، فإنّا لم نر هذا الواقف القديم الّذي كان بعد السّبعين ومائتين رفع في نسبه فوق ما ذكر في كتاب وقفه. ولا رأينا أحدا من أولاده وهلمّ جرّا إلى زمان قاضي القضاة زكيّ الدّين أبي الحسن يذكرون أنّهم أمويّون ولا عثمانيّون. وإنّما هو أمر لم ينقل عن أهل هذا البيت الطّيب فينبغي أن يصان عن الزّيادة والانتساب إلى غير جدّهم إلّا بيقين ولو ثبت ذلك لكان فيه مفخر وشرف.
روى عنه : ابن الخبّاز ، وشرف الدّين ابن أبي الفتح ، وشمس الدّين بن الزّرّاد ، وجماعة.