عقد بدار العدل مجلسا ، وأحضر العلماء ، وأخرج فتاوى الحنفيّة بأنّه يستحقّها بحكم أنّ عمر رضياللهعنه فتح دمشق عنوة ، ثمّ قال : من كان معه كتاب عتق أمضيناه ، وإلّا فنحن فتحنا البلاد بسيوفنا. ثمّ قرّر عليهم ألف ألف درهم عن الغوطة ، فسألوه أن يقسّطها عليهم ، فأبى ، وتمادى الحال إلى أن خرج متوجّها إلى مصر في ذي القعدة. فلمّا وصل إلى اللّجون عاوده الأتابك وفخر الدّين ابن خير وزير الصّحبة ، فاستقرّ الحال أن يعجّلوا منها أربعمائة ألف درهم ، ويعاد إليهم ما قبضه الدّيوان من المغلّ ، ويسقّط ما بقي كلّ سنة مائتي ألف درهم ، وكتب بذلك توقيع.
قلت : جاء على كلّ مدي بضعة عشر درهما ، وباع النّاس أملاكهم بالهوان ، وعجزوا ، فإنّ بعض الأمداء لا يغلّ في السّنة ستّة دراهم (١).
[أعجوبة دعاء الركابيّ]
أعجوبة اللهمّ أعلم بصحّتها قد خلّدها ابن عبد الظّاهر في «السّيرة الظّاهريّة» فقال : بعثت رسولا إلى عكّا في الصّلح ، فبالغوا في إكرامنا ونزلنا دارا على بابها أعلام وصلبان وجرص كبير كالكنائس ، فحرّكوا الأجراس ، ومعنا ركابيّ اسمه ريّان ، فنادى : يالله يالله كسّر هذه الأعلام واقطع هذه الأجراس ، وملّك السّلطان الملك الظّاهر عكّا ، فما استتمّ حديثه إلّا والجرص قد انقطع ، والأعلام قد وقعت ، وتكسّرت الرّماح.
[إطلاق سنقر الأشقر من الأسر]
قال قطب الدّين (٢) : وبعث صاحب سيس يستفكّ ولده من الأسر ، فطلب منه من جملة الفداء أن يسعى في خلاص الأمير شمس الدّين سنقر الأشقر
__________________
(١) وانظر خبر الصعقة باختصار في : العبر ٥ / ٢٨٣ ، ومرآة الجنان ٤ / ١٦٥ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٥ (سنة ٦٦٧ ه). وذيل مرآة الزمان ، ٣٨٥ ، ٣٨٦ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٦٢ ، ٣٦٣ وفيه شعر عن الصعقة ، و ٣٨٢.
(٢) في ذيل مرآة الزمان ٢ / ٣٨٤.