وقال قطب الدّين (١) : فيها قتل الزّين الحافظيّ بين يدي هولاكو في أواخرها بعد أن أحضره وقال : قد ثبت عندي خيانتك وتلاعبك بالدّول خدمت صاحب بعلبكّ طبيبا ، وصاحب قلعة جعبر الحافظ ، والملك النّاصر ، فخنت الجميع ، ثمّ انتقلت إليّ ، فأحسنت إليك ، فشرعت تكاتب صاحب مصر.
وعدّد ذنوبه ثمّ قتله وقتل أولاده وأقاربه ، وكانوا نحوا من خمسين ضربت أعناقهم.
وكان من أسباب قتله كتب سعى الملك الظّاهر في إرسالها إليه من مصر بحيث وقعت في يد هولاكو.
وأمّا خيانته في الأموال وأخذه البرطيل وجناياته في الإسلام فكثيرة ، يعني أيّام التّتار بدمشق.
قال : ولم تكن الإمارة لائقة به.
وللموفّق أحمد بن أبي أصيبعة فيه :
وما زال زين الدين في كلّ منصب |
|
له في سماء المجد أعلى المراتب |
أمير حوى في العلم كلّ فضيلة |
|
وفاق الورى في رأيه والتّجارب |
إذا كان في الطّبّ فصدر مجالس |
|
وإن كان في حرب فقلب الكتائب |
ففي السّلم كم أحيى وليّا بطبّه |
|
وفي الحرب كم أفنى العدي بالقواضب |
قال الموفّق (٢) : وما زال في خدمة الملك النّاصر ، فلمّا جاءت التّتار بعثه رسولا إلى هولاوو فأحسن إليه ، واستمالوه حتّى صار جهتهم ومازجهم ، وتردّد في المراسلة ، وطمّع التّتار في البلاد ، وصار يهوّل على النّاصر أمرهم ويضخّم مملكتهم ، فلمّا ملكوا دمشق جعلوه بها أميرا ، وكانوا يدعونه الملك زين الدّين.
__________________
(١) في ذيل مرآة الزمان ٢ / ٢٣٤ ، ٢٣٥.
(٢) في عيون الأنباء ٢ / ١٨٩.