الحقيقة أنّ الأحكام الشرعية التي تتبدّل بتبدّل الموضوعات مهما تغيرت باختلاف الزمان ، فإنّ المبدأ الشرعي فيها واحد وليس تبدّل الأحكام إلّا تبدّل الوسائل والأساليب الموصلة إلى غاية الشارع ، فإنّ تلك الوسائل والأساليب في الغالب لم تحدّد في الشريعة الإسلامية بل تركتها مطلقة لكي يختار منها في كلّ زمان ما هو أصلح في التنظيم نتاجا وأنجح في التقويم علاجا.
ثمّ إنّ الأستاذ جعل المنشأ لتغيير الأحكام أحد أمرين :
أ : فساد الأخلاق وفقدان الورع وضعف الوازع ، وأسماه بفساد الزمان.
ب : حدوث أوضاع تنظيمية ووسائل فرضية وأساليب اقتصادية.
ثمّ إنّه مثّل لكلّ من النوعين بأمثلة مختلفة اقتبس بعضها من رسالة «نشر العرف» للشيخ ابن عابدين ، ولكنّه صاغ الأمثلة في ثوب جديد. (١)
٥. الدكتور وهبة الزحيلي ، لخّص في كتابه «أصول الفقه الإسلامي» ما ذكره الأستاذ السابق وقال في صدر البحث : تغير الأحكام بتغير الأزمان.
إنّ الأحكام قد تتغير بسبب تغير العرف أو تغير مصالح الناس أو لمراعاة الضرورة أو لفساد الأخلاق وضعف الوازع الديني أو لتطور الزمن وتنظيماته المستحدثة ، فيجب تغير الحكم الشرعي لتحقيق المصلحة ودفع المفسدة وإحقاق الحق والخير ، وهذا يجعل مبدأ تغير الأحكام أقرب إلى
__________________
(١) المدخل الفقهي العام : ٢ / ٩٢٤.