الرابع : إذا قلنا بتأثير الزمان والمكان على الاستنباط ، فالحكم المستنبط عندئذ حكم واقعي وليس حكما ظاهريا كما هو معلوم ، لعدم أخذ عنوان الشكّ في موضوعه ولا حكما واقعيّا ثانويا أي ما يعتمد على عنواني الضرر والحرج أو غير ذلك من العناوين الثانوية ، فالمجتهد يبذل جهده في فهم الكتاب والسنّة لاستنباط الحكم الشرعي الواقعي في هذه الظروف ، ويكون حكمه كسائر الأحكام التي يستنبطها المجتهد في غير هذا المقام ، فالحكم بجواز بيع الدم أو المني أو سائر الأعيان النجسة التي ينتفع بها في هذه الأيام ليس حكما ظاهريا ولا مستخرجا من باب الضرر والحرج ، وإنّما هو حكم واقعي كسابقه (أي التحريم) غير أنّ الحكم السابق كان مبنيا على عدم الانتفاع بالأعيان النجسة انتفاعا معتدا به ، وهذا الحكم مبني على تبدل الموضوع.
وإن شئت قلت بتبدل مصداق الموضوع إلى مصداق موضوع آخر ، تكون الحرمة والجواز كلاهما حكمين شرعيين واقعيين.