وقد ذهب الشيخ الطوسي في النهاية بعد عدّها إلى أنّه لا يكون الاحتكار في سوى هذه الأجناس ، وتبعه لفيف من الفقهاء. (١)
وثمة احتمال آخر وهو انّ الأجناس الضرورية يومذاك كانت منحصرة بما ورد في الروايات على نحو ينجم عن احتكارها أزمة في المجتمع الإسلامي ، دون سائر الأجناس ، وأمّا اليوم فلا شكّ انّه اتسعت الحاجات وتغيرت فعاد ما لم يكن ضروريا في الماضي أمرا ضروريا في عصرنا هذا ، فلو أوجدت الحكرة في غير هذه الأجناس نفس الأزمة ، يكون الجميع على حد سواء ، خصوصا وانّ الحلبي روى عن الإمام الصادق عليهالسلام انّه قال : سألته عن الرجل يحتكر الطعام ويتربص به ، هل يصلح ذلك ، ثمّ قال : «إن كان الطعام كثيرا يسع الناس فلا بأس به وإن كان الطعام قليلا لا يسع الناس فانّه يكره أن يحتكر الطعام ويترك الناس ليس لهم طعام». (٢)
فإذا كان الميزان هو وجود ما يسع الناس وعدمه ، فلا فرق بين الطعام وغيره ، فلا يبعد أن تعمّ حرمة الحكرة إلى غيره.
إذ من المعلوم انّ الأحكام الشرعية تابعة للملاكات فانّها شرعت على أساس المصالح والمفاسد ، وهذا يقتضي استيعاب الحكرة لغير ما نصّ عليه ، وقد عرفت أنّ الروايات الحاصرة ناظرة إلى عمدة ما يحتاج إليه الناس في العصور الماضية.
__________________
(١) الحدائق الناضرة : ١٨ / ٦٢.
(٢) وسائل الشيعة : ١٢ ، الباب ٢٧ من أبواب آداب التجارة ، الحديث ٢.