ثانيا : هل يصحّ أن يأمر الله سبحانه بكتابة الدّين حفظا له ، واحتياطا عليه ، وفي الوقت نفسه ينهى نبيّه عن كتابة الحديث الذي يعادل القرآن في الحجّية؟!
ثالثا : العجب من الأستاذ أنّه سلّم بوجه المنع ، وهو أن لا يختلط الحديث بالقرآن ، وكان قد نحته الخطيب البغدادي (١) في كتاب «تقييد العلم» (٢) مع أنّه غير تام ، لأنّ القرآن الكريم في أسلوبه وبلاغته يغاير أسلوب الحديث وبلاغته ، فلا يخشى على القرآن أن يختلط به غيره مهما بلغ من الفصاحة والبلاغة ، فقبول هذا التبرير يلازم إبطال إعجاز القرآن الكريم ، وهدم أصوله.
والكلمة الفصل أنّ المنع من كتابة الحديث كان منعا سياسيّا صدر عن الخلفاء لغايات وأهداف خاصّة ، والخسارة التي مني الإسلام والمسلمون بها من جرّاء هذا المنع لا تجبر أبدا ، وقد فصلنا الكلام في فصل خاص من كتابنا «بحوث في الملل والنحل». (٣)
٢. قبل إنشاء السجلات العقارية الرسميّة التي تحدد العقارات ، وتعطي كلا منها رقما خاصّا ، كان التعاقد على العقار الغائب عن مجلس العقد لا بدّ لصحّته من ذكر حدود العقار ، أي ما يلاصقه من الجهات الأربع ليتميّز العقار
__________________
(١) أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (٣٩٢ ـ ٤٦٣ ه) مؤلّف تاريخ بغداد.
(٢) تقييد العلم : ٥٧.
(٣) لاحظ : الجزء الأوّل من الكتاب المذكور : ٨٧ ـ ١٠٨ ، نشر مؤسسة الإمام الصادق عليهالسلام ، قم ـ ١٤٢٧ ه.