نزلت الآيات في غزوة بدر حيث استشار الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم صحابته في أمر الأسرى ، فقال أبو بكر : عشيرتك فأرسلهم ، وقال عمر : اقتلهم ، ففاداهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأنزل الله معاتبا له ولصحابته بقوله : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى ...).
رواه أهل السير ، وأخرج مسلم وأحمد حديثا في ذلك. (١)
التحليل يتوقف على توضيح مفاد الآيات ، وهو انّ السنّة الجارية في الأنبياء الماضين عليهمالسلام هي انّهم إذا حاربوا أعداءهم ، وظفروا بهم ينكلون بهم قتلا ليعتبر بهم من وراءهم ، فيكفّوا عن معاداة الله ورسوله ، وكانوا لا يأسرون أحدا حتى يثخنوا في الأرض ، ويستقر دينهم بين الناس ، فإذا بلغوا تلك الغاية كان لهم الحقّ في أخذ الأسرى ، ثمّ المن أو الفداء ، كما قال تعالى في سورة أخرى مخاطبا المسلمين عند ما علا أمر الإسلام وتمّت له القوة والغلبة في الحجاز واليمن : (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً). (٢)
فعلم من ذلك انّ مقتضى الجمع بين الآيتين هو ممنوعية أخذ الأسرى قبل الإثخان في الأرض وجوازه بعده ، ثمّ المن ، أو الفداء بعد الإثخان.
إذا عرفت ذلك فهلمّ معي نبحث في مفاد الآيات الثلاث ، فنقول :
أوّلا : انّ اللوم انصبّ على أخذ الأسرى لا على الفداء.
__________________
(١) تاريخ التشريع الإسلامي : ٩٩.
(٢) محمد : ٤.