الثالث عشر : القول بتصويب المجتهدين يستلزم التنازع. فإنّ الشافعي لو قال لزوجته الحنفية : «أنت بائن» وكانا مجتهدين فإنّه بالنظر إلى ما يعتقده الزوج من جواز الرجعة بجواز المراجعة ، وبالنظر إلى ما تعتقده المرأة من تحريم الرجعة يحرم عليها تسليم نفسها إليه ، وذلك مفض إلى التنازع الّذي يمتنع رفعه شرعا ، وهو محال.
وكذا لو نكح امرأة بغير ولي ، ونكحها آخر بعده بولي ، فإنّه يلزم من صحّة المذهبين حلّها للزوجين ، وهو محال.
وإذا استفتى العامي مجتهدين واختلفا ، استحال العمل بقولهما وتركهما وترك أحدهما ، لعدم الأولوية.
الرابع عشر : الأصل عدم التصويب ودوام كلّ متحقّق ، إلّا ما خرج عنه لدليل ، والأصل عدم الدليل المخالف فيما نحن فيه ، فيبقى فيه على حكم الأصل ، خالفناه في تصويب واحد غير معين للإجماع ، ولا إجماع فيما نحن فيه ، فوجب الحكم بنفيه.
احتجّ القائلون بأنّه لا حكم لله تعالى في الواقعة بأمور (١) :
الأوّل : لو كان في الواقعة حكم فإن لم يكن عليه دليل قطعي ولا ظنّي لزم تكليف ما لا يطاق ؛ وإن كان عليه ما يفيد أحدهما وجب قدرة المكلّف على تحصيله فيكون متمكّنا من تحصيل العلم به أو الظن ، والحاكم بغيره حاكم بغير ما أنزل الله تعالى ، فيكون كافرا ، أو فاسقا ، لقوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ
__________________
(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٥١١ ـ ٥١٩.