يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(١) ، (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ)(٢) ، ويكون من أهل النار قطعا ، لأنّه تارك لأمر الله تعالى فيكون عاصيا ، والعاصي من أهل النار ، لقوله تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها)(٣) ، والإجماع على فساد هذه اللوازم ، فيعلم انتفاء دليل الحكم.
لا يقال : هذه العمومات مخصوصة ، لأنّ أدلّة هذه الأحكام غامضة ، فالتكليف باتّباعها حرج ، فيكون منفيا لقوله : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٤).
لأنّا نقول : غموض أدلّة الأحكام دون أدلّة المسائل العقلية مع كثرة مقدّماتها والشبه فيها وكان الخطأ فيها كفرا وضلالا فكذا هنا ، وإذا بطل وجود الدليل وعدمه على تقدير ثبوت الحكم ، وجب القول بنفيه.
الثاني : لو كان هناك حكم لوجب أن يكون عليه دليل قاطع ، والتالي باطل فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : أنّ على تقدير وجود الحكم إن لم يوجد عليه دليل البتّة ، كان التكليف به تكليفا بما لا يطاق ؛ وإن وجد عليه دليل فإن لم يستلزم المدلول قطعا ولا ظاهرا استحال التوصّل به إلى المدلول ؛ وإن استلزمه
__________________
(١) المائدة : ٤٧.
(٢) المائدة : ٤٤.
(٣) النساء : ١٤.
(٤) الحج : ٧٨.