ظاهرا ، فإن لم يمكن وجوده بدون المدلول كان استلزامه قطعا لا ظاهرا ؛ وإن أمكن وجوده بدون المدلول في بعض الصور واستلزمه في صورة أخرى ، فإن لم يتوقّف كونه مستلزما له على انضمام قيد آخر إليه لزم الترجيح من غير مرجّح ، لأنّ ذلك الشيء تارة ينفك عن المدلول ، وتارة لا ينفك عنه مع تساوي نسبة الوقتين. وإن توقّف كان المستلزم للمدلول هو المجموع لا ما فرض دليلا ، ثمّ ذلك المجموع إن أمكن انفكاكه عن المدلول استحال استلزامه إلّا بقيد آخر ويتسلسل ، وإن لم يمكن كان دليلا قطعيا لا ظاهرا.
لا يقال : الدليل الظاهر هو الّذي يستلزم كون المدلول أولى بالوجود أولوية غير منتهية إلى الوجوب ، وهذا المعنى ملازم له أبدا.
لأنّا نقول : لا نعقل الأولوية من دون الوجوب ، لأنّ العدم مع الأولوية إن امتنع كان وجوبا ، وإلّا أمكن حصوله معها تارة ، والوجود أخرى ؛ فرجحان أحدهما على الآخر إن توقّف على أمر زائد لم يكن الأوّل كافيا في الرجحان ، وإن لم يتوقّف لزم ترجيح الممكن من غير مرجح ، فثبت أنّ الّذي لا يستلزم الشيء قطعا لا يستلزمه بوجه من الوجوه ، فثبت أنّه لو وجد في الواقعة حكم لكان عليه دليل قاطع ؛ ولما انعقد الإجماع على أنّه ليس كذلك ، علمنا انتفاء الحكم.
الثالث : الإجماع على أنّ المجتهد مأمور بالعمل على وفق ظنّه ، ولا يعني بحكم الله تعالى إلّا ما أمر به ، فإذا كان مأمورا بالعمل بمقتضى ظنّه