قوله : لمّا جاز أن تكون المذاهب المختلفة في الدماء والفروج خفيّة فلم لا يجوز أن يكون الخطأ فيها صغيرا.
قلنا : قد بيّنّا الدليل على كونه كبيرا فإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «في من سعى في دم مسلم ولو بشطر كلمة ، جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه : آيس من رحمة الله» (١). وهذا وأمثاله ممّا لا يحصى كثرة يدلّ على أنّ الخطأ كبيرة.
الخامس : لو كان المجتهد مخطئا لما حصل القطع بكون الخطأ منه مغفورا ، وقد حصل فهو غير مخطئ.
بيان الشرطية. أنّه لو حصل القطع بكونه مغفورا لكان في ذلك الوقت إمّا أن يجوز المخطئ كونه مخلّا بنظر يلزمه فعله ، أو لا يجوز ذلك.
فإن لم يجز كان كالساهي عن النظر الزائد فلم يكن مكلّفا بفعله ، فلا يستحقّ العقاب بتركه ، فلا يكون مخطئا وقد فرض مخطئا. هذا خلف.
وإن جوّز كونه مخلّا بنظر زائد فإمّا أن يعلم في تلك الحالة أنّه مغفور له إخلاله بذلك النظر الزائد ، أو لا يعلم. فإن علم لم يصحّ ، لأنّ المجتهد لا يعلم المرتبة الّتي إذا انتهى إليها غفر له ما بعدها ، لأنّه إن اقتصر على أوّل المراتب لم يغفر له ما بعده ، وما من مرتبة ينتهي إليها إلّا ويجوز أن لا يغفر له
__________________
(١) سنن ابن ماجة : ٢ / ٨٧٤ ؛ سنن البيهقي : ٨ / ٢٢ ؛ مجمع الزوائد : ٧ / ٢٩٨ ؛ المعجم الكبير : ١١ / ٦٦ ؛ كنز العمال : ١٥ / ٢٢ برقم ٣٩٨٩٥ ؛ من لا يحضره الفقيه : ٤ / ٩٤ ؛ عوالي اللآلي : ١ / ٢٨٣ برقم ١٢٣ و ٣٦٥ برقم ٥٧ ؛ بحار الأنوار : ٧٢ / ١٤٨ ح ٣ وص ١٤٩ ح ١٠ وج ١٠١ / ٣٨٣ ح ١. وقد ورد الحديث باختلاف في الألفاظ.