ولا يلزم من العمل بالأمارة المفيدة للظن العمل بالاختيار من غير ظن مفيد للحكم.
واعترض القائلون بالوقف على الأوّل من حجج المانعين (١) بجواز كون الاختيار ممّا يتمّ به المصلحة وليس فيه إسقاط للتكليف ، لأنّه إذا قيل للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن اخترت الفعل فاحكم على الأمّة بالفعل ، وإن اخترت الترك فاحكم بالترك» فهذا لا يكون إسقاطا للتكليف ، بل يكون مكلّفا بأمر الخلق بمتعلق اختياره.
وفيه نظر ، إذ البحث أعم موضوعا من التكليف بأمر الخلق.
وعلى قوله : لا يخلو المكلّف عن الفعل والترك انّ الحكم على الخلق بالفعل أو الحكم بالترك قد ينفك عنهما. وفيه ما تقدّم.
قالوا : ويشكل بالمستفتي إذا اختلف المفتيان ، والعذر واحد.
ونمنع عدم كثرة الاتّفاقي ، فإنّ حكم المتّفقات في الماهية واحد.
وحال الأمثلة الّتي ذكرتموها كالكتابة وغيرها إن كانت مثل هذه الحال في المتنازع ، افتقر الفرق بين القليل والكثير إلى دليل ، ومنعنا الحكم فيها وإلّا امتنع القياس على أنّ القياس لا يفيد اليقين.
سلّمنا عدم دوام الاتّفاقي ، لكن إذا لم يكن الاتّفاقي ببعض الجهات معلوم السبب بسائر الجهات ، فإنّ من الجائز أن يعلم الله تعالى أنّ مصلحة
__________________
(١) راجع المحصول : ٢ / ٥٧١ ـ ٥٧٣.