وشدة ذكائهم لا يحتاجون إلى تعب شديد في إدراك معارفهم ، فلهذا لم يحتاجوا إلى الطلب الشديد.
وفي الثالث نظر ، لاحتمال أن يكون صلىاللهعليهوآلهوسلم علم من حاله العلم بشرائط الإسلام ، أو أنّه كان يقبل منه ذلك للتمرس ثمّ يتبين له بعد وقت ما يحتاج إليه من المعارف.
وعن الرابع : بأنّ المراد الجدال بالباطل كما في قوله تعالى : (وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ)(١) ولم يرد الجدال بالحقّ لقوله : (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(٢) ، (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(٣). ولو كان الجدال مطلقا منهيا عنه لما أمر به.
والنظر غير منهي عنه لورود الثناء على فاعله في قوله تعالى : (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٤).
ولم يثبت اسناد قوله : «عليكم بدين العجائز» ، ولو ثبت حمل على إرادة التفويض إلى الله تعالى.
ولو لم ينظر الصحابة لزم نسبتهم إلى الجهل بمعرفة الله تعالى وصفاته فيكون الواحد منّا أفضل منهم ، وهو باطل إجماعا. وإذا كانوا عالمين وليس
__________________
(١) غافر : ٥.
(٢) النحل : ١٢٥.
(٣) العنكبوت : ٤٦.
(٤) آل عمران : ١٩١.