وإيضاح القول فيما لكلّ منهما وعليهما. ولأنّه لو لم يذكرهما لتعطّل الإفتاء بأحدهما ، إذ قد يقوى أحدهما عند بعض الناظرين ولا يمكنه القول به ، لظنّه أنّه قول حادث ، خارق للإجماع ، فإذا نقل عرف أنّه لم يخرق الإجماع.
ثانيهما : لعلّ المراد احتمال قولين يمكن أن يقول بهما قائل لقوتهما وبطلان ما عداهما ، فالتمييز بينهما غير ممكن إلّا للبالغ في التحقيق ، فلهذا أفرد بالذكر دون سائر الوجوه الممكنة. وكما يقال : الخمر مسكر وهو في الدن ، والسكين قاطع وهو لم يقطع على إرادة الصلاحية ، كذا هنا.
واعلم أنّه لا خلاف في إمكان اعتقاد الوجوب والتحريم أو النفي والإثبات معا في مسألتين مختلفتين ، كوجوب الصلاة وتحريم الزنا ؛ وفي إمكان اعتقاد الجمع بين الأحكام المختلفة الّتي لا تقابل بينها في شيء واحد ، كالتحريم ووجوب الحد ونحوه ؛ وفي اعتقاد وجوب فعلين متضادين على البدل كالاعتداد بالطهر والحيض ، أو فعلين غير متضادين كخصال الكفّارة ؛ وأمّا اعتقاد حكمين متقابلين في شيء واحد على سبيل البدل ففيه الخلاف.