والمتوقّف في المسألة لا يكون له فيها قول فضلا عن القولين. أمّا إذا لم يعرف قوله في المسألة وعرفنا قوله في نظيرها ، فالظاهر أنّه إن لم يكن بين المسألتين فرق يجوز أن يذهب إليه ذاهب ، كان قوله في إحدى المسألتين هو قوله في الأخرى ، وإن كان بينهما فرق لم يحكم بأنّ قوله في المسألة كقوله في نظيرها لجواز أن يذهب إلى الفرق.
إذا عرفت هذا فقد وجد للشيخ أبي جعفر الطوسي رحمهالله ولغيره من الفقهاء أقوال مختلفة في مسألة واحدة ويحمل على وجوه (١) :
الأوّل : أن يكون قد ذكر في كتبه القديمة شيئا وفي الجديدة غيره ونقلهما المتأخّرون وجعلوهما قولين ويكون المتأخّر ناسخا ، وهو يدلّ على قوة دينه وشدة طلبه ، لأنّه يدلّ على اشتغاله بالطلب في كلّ وقت ، وأنّه متى ظهر له شيء من أمور الدين أظهره ، ولم يتعصّب لما قاله أوّلا ، بل رجع عنه.
الثاني : أن يتّحد الموضع فيذكر في كتاب واحد قولين ، وينصّ على الترجيح لقوله عقيب ذكر القولين : وهذا أولى ، أو أشبهه بالحق ، أو به أقول. أو يفرع على أحدهما وترك التفريع على الآخر ، وهو يدلّ على أنّ الّذي فرّع عليه أقوى عنده.
الثالث : أن يذكر في المسألة قولان ولا يبيّن الترجيح ، ويحتمل وجوها :
أحدهما : أن يكونا لبعض الناس ، ويذكرهما للتنبيه على مأخذهما
__________________
(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٤١.